للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الخامسة في الحث على إقامة الصلاة مع الجماعة]

الخطبة الخامسة

في الحث على إقامة الصلاة مع الجماعة الحمد لله الذي فرض الصلاة على عباده رحمة بهم وإحسانا، وجعلها صلة بينه وبينهم ليزدادوا بذلك إيمانا، وكررها كل يوم حتى لا يحصل لهم الجفاء، ويسرها عليهم حتى لا يحصل لهم التعب والعناء، وأجزل لهم ثوابها، فكانت بالفعل خمسا، وبالثواب خمسين فضلا منه وامتنانا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له خالقنا، ومولانا، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أخشى الناس لربه سرا، وإعلانا الذي جعل الله قرة عينه في الصلاة، فنعم العمل الصلاة لمن أراد به فضلا، ورضوانا صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان، وسلم تسليما.

أما بعد: أيها الناس اتقوا الله تعالى، وحافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى، وقوموا لله قانتين، عباد الله: إن الصلاة عمود دينكم وقوامه، فلا دين لمن لا صلاة له، لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة. إقامة الصلاة إيمان، وتركها كفر من حافظ عليها كانت له نورا في قلبه، ونورا في وجهه، ونورا في قبره، ونورا في حشره، وكانت له نجاة يوم القيامة، وحشر مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور، ولا نجاة يوم القيامة، وحشر مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف.

أيها المسلمون، كيف تضيعون الصلاة وهي الصلة بينكم وبين ربكم إذا لم يكن بينكم وبين ربكم صلة، فأين العبودية، وأين المحبة لله والخضوع له؟ لقد خاب، وخسر قوم إذا سمعوا داعي الدنيا وزهرتها لبوا له سراعا، وإذا سمعوا منادي الله يدعو: حي على الصلاة حي على الفلاح تثاقلوا عنه، وولوا أدبارا.

أيها المسلمون ألم تعلموا أن أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة صلاته، فإن صلحت صلح سائر عمله، وإن فسدت فسد سائر عمله.

يا أمة محمد أقيموا صلاتكم ما دمتم في زمن المهلة تعرفوا إلى الله في الرخاء يعرفكم في الشدة، فإن من ينسى الله نسيه، ومن أضاع أمره أضاعه. يا أمة محمد من منكم عنده أمان من الموت حتى يتوب، ويصلي أليس كل منكم يخشى الموت ولا يدري متى يأتيه؟ لا يدري أيصبحه أم يمسيه؟ ألم يكن الموت يأخذ الناس بغتة وهم لا يشعرون؟ أما هجم على أناس

<<  <  ج: ص:  >  >>