[الخطبة الثالثة في زكاة الفطر والتكبير وصلاة العيد]
الخطبة الثالثة
في زكاة الفطر والتكبير وصلاة العيد الحمد لله الذي من علينا بشريعة الإسلام، وشرع لنا من العبادات ما تحصل به القربى إليه وعلو المقام، ونحمده أن من علينا بتيسير الصيام والقيام، وأثاب من فعلهما إيمانا واحتسابا بمغفرة الذنوب والآثام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو الجلال والإكرام، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أفضل من تعبد لله، وصلى، وصام صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم على الحق، واستقام، وسلم تسليما.
أما بعد: أيها الناس اتقوا ربكم وحاسبوا أنفسكم ماذا عملتم في شهركم الكريم فإنه ضيف قارب الزوال، وأوشك على الرحيل عنكم، والانتقال، وسيكون شاهدا لكم أو عليكم بما أودعتموه من الأعمال، فابتدروا رحمكم الله ما بقي منه بالتوبة، والاستغفار، والاستكثار من صالح الأقوال، والأفعال، والابتهال إلى ذي العظمة، والجلال لعل ذلك يجبر ما حصل من التفريط والإهمال.
لقد كانت أيام هذه الشهر معمورة بالصيام والذكر والقرآن ولياليه منيرة بالصلاة والقيام وأحوال المتقين فيه على ما ينبغي، ويرام، فمضت تلك الأيام الغرر، وانتهت هذه الليالي الدرر، كأنما هي ساعة من نهار، فنسأل الله أن يخلف علينا ما مضى منها بالبركة، فيما بقي، وأن يختم لنا شهرنا بالرحمة والمغفرة والعتق من النار والفوز بدار السلام، وأن يعيد أمثاله علينا، ونحن نتمتع بنعمة الدين والدنيا والأمن والرخاء إنه جواد كريم.
عباد الله إن ربكم الكريم شرع لكم في ختام هذا الشهر عبادات جليلة يزداد بها إيمانكم، وتكمل بها عباداتكم، وتتم بها نعمة ربكم. شرع الله لنا زكاة الفطر والتكبير وصلاة العيد. أما زكاة الفطر فقد فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعا من طعام ففي صحيح البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة. وفي صحيح البخاري أيضا عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: كنا نخرج في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفطر صاعا من طعام، وكان طعامنا الشعير والزبيب والأقط والتمر. وقال ابن عباس رضي الله عنهما فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة