في نماذج من شروط الصلاة وأركانها الحمد لله الذي شرع لعباده الشرائع، وأكملها، وبين لهم حدودها وفروضها وسننها، لم يترك عباده في حيرة من دينهم، ولا في نقص من عباداتهم بل بين لهم الدين، وأكمله فلم يمت نبيه حتى ترك أمته على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، فلله الحمد، والنعمة، والفضل، والمنة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تابعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليما.
أما بعد: أيها الناس اتقوا الله تعالى واعلموا أن الله فرض فرائض، فلا تضيعوها، وحد حدوا، فلا تعتدوها، فمن يتعد حدود الله، فقد ظلم نفسه. أيها الناس: لقد فرض الله عليكم في صلاتكم الطهارة من الأحداث والطهارة من الأنجاس، فمن صلى بغير وضوء، فلا صلاة له، ولو كان ناسيا لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ، ولو صلى وعلى بدنه نجاسة يعلم عنها أو على ثوبه نجاسة يعلم عنها، فلا صلاة له، فإن كان لا يعلم عنها، أو علم بها، ونسي أن يغسلها، فصلاته صحيحة» .
وفرض الله عليكم سترة العورة في الصلاة قال الله تعالى:{يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ}[الأعراف: ٣١] فيجب على المصلي أن يستر عورته بثوب طاهر مباح لا يبين من ورائه لون الجلد، فإن صلى بثوب نجس عالما بنجاسته، فلا صلاة له إلا أن يكون ناسيا، ومن صلى بثوب محرم عليه، فلا صلاة له، فإذا صلى أحد بثوب فيه صورة، فلا صلاة له، إلا إن كان لا يدري، ومن الثياب المحرمة ثياب الخيلاء، فمن جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه، ولا تصح له صلاة صلاها لابسا له، ومن نزل ثوبه عن كعبيه من الرجال، فهو في النار قال النبي صلى الله عليه وسلم:«ما أسفل من الكعبين فهو في النار، ومن صلى في ثوب خفيف يرى من ورائه لون الجلد، فلا صلاة له» . فعلى الذين يلبسون السراويل القصار التي تسمى الهاف عليهم أن يلبسوا فوقها ثوبا ساترا لا يصف البشرة؛ لأن الواجب عليهم أن يستروا ما بين السرة والركبة، وقد قسم فقهاؤنا رحمهم الله العورة في الصلاة إلى ثلاثة أقسام مخففة ومغلظة ومتوسطة، فالمخففة عورة الذكر من سبع سنين إلى عشر، فهذا يكفي ستر فرجيه القبل والدبر، والمغلظة عورة المرأة الحرة البالغة فيجب عليها أن تستر جميع بدنها، حتى يديها ورجليها في الصلاة، إلا الوجه، فلا يجب عليها ستره إلا أن