فيما يحرم من اللباس إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان، وسلم تسليما.
أما بعد: أيها الناس اتقوا الله تعالى واشكروه على ما أنعم عليكم بما أخرجه لكم من طيبات الرزق واللباس: {يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ}[الأعراف: ٢٦] لقد بين الله تعالى فوائد هذا اللباس بأنه زينة، ومواراة للسوأة أي: ستر للعورة، ولم يجعل الله للإنسان ساترا طبيعيا من أصل الخلقة ليتذكر الإنسان أنه دائما في عورة ومحتاج إلى الستر، فينتقل من معرفة الحاجة إلى الستر الحسي للعورة الحسية إلى معرفة الحاجة إلى الستر المعنوي للعورة المعنوية، وهي عورة نقص الدين والأخلاق، فيسترها بتكميل دينه وأخلاقه. ولقد دلت النصوص أن اللباس بقسميه لباس الزينة، ولباس الحاجة جائز، والأصل فيه الحل إلا ما قام الدليل على تحريمه قال الله تعالى:{هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا}[البقرة: ٢٩] وقال سبحانه: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ}[الأعراف: ٣٢] قاله إنكارا على من يحرمون شيئا من اللباس والطعام بغير دليل.
ولقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته ما لا يجوز لهم من اللباس بيانا ظاهرا. فمن ذلك لباس ما يختص بالكفار سواء كان لباسا شاملا للجسم كله أو لعضو منه، فكل لباس يختص بالكفار، ولا يلبسه غيرهم، فإنه لا يجوز للمسلم لبسه لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«من تشبه بقوم فهو منهم» . فإن التشبه بهم يقتضي شعور المتشبه بأنهم أعلى منه، فيعجب بهم، وبصنيعهم حتى يؤدي به ذلك إلى إعجابه بعقائدهم وأعمالهم. ومن ذلك لباس الرجل ما يختص بالمرأة، ولباس المرأة ما يختص بالرجل، فكل لباس يختص بالرجل سواء كان شاملا لجميع الجسم كالقميص، أم مختصا بعضو منه كالسراويل والحذاء وغيرها، فإنه لا يجوز للمرأة أن تلبسه، وكل لباس يختص بالمرأة