للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الرابعة في التراويح]

الخطبة الرابعة

في التراويح الحمد لله الذي من على عباده بمواسم الخيرات ليغفر لهم بذلك الذنوب، ويكفر عنهم السيئات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأرض والسماوات، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أشرف المخلوقات صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان مدى الأوقات، وسلم تسليما.

أما بعد: أيها الناس اتقوا الله تعالى، وقوموا رمضان فإن من قامه إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ألا وإن صلاة التروايح من قيام رمضان، ولكنها سميت تراويح؛ لأن الناس في السلف الصالح كانوا كلما صلوا أربع ركعات استراحوا قليلا. فصلوا صلاة التروايح بطمأنينة بخشوع وحضور قلب، فإنها صلاة وعبادة ليست مجرد حركات وعمل لا يدري الإنسان ما يقوله فيه، وما يفعل، والمقصود بها التعبد لا سرد الركعات، وإن كثيرا من الناس يتهاون بها الأئمة وغير الأئمة. أما الأئمة فكثير منهم يسرع بها إسراعا مخلا بكثير من السنن، بل ربما يخل بالأركان، وأما غير الأئمة فكثير من الناس يفرطون فيها، فلا يصلونها ومنهم من يصلي بعضها، وينصرف قبل إمامه، وهذا حرمان لفضيلتها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة» ، فاصبروا حتى يكمل الإمام صلاته، وأوتروا معه، وإذا قمتم من آخر الليل، وأردتم أن تصلوا، فصلوا ركعتين ركعتين، ولا تعيدوا الوتر؛ لأن الوتر لا يعاد مرة ثانية في الليلة ".

واعلموا رحمكم الله أن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم كما كان صلى الله عليه وسلم يعلن ذلك في خطبة الجمعة، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن خير الهدي هديه صلى الله عليه وسلم، وكان من هديه في قيام الليل أن لا يزيد على إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ركعة لا في رمضان، ولا في غيره، فقد سئلت عائشة رضي الله عنها كيف كانت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: «كان لا يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة» (متفق عليه) . وقال ابن عباس رضي الله عنهما: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة» . (رواه مسلم) . وصح عن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه أنه أمر أبيّ بن كعب وتميما الداري أن يقوما للناس بإحدى عشرة ركعة (رواه مالك في الموطأ عن محمد بن يوسف وهو ثقة ثبت عن السائب بن يزيد وهو صحابي) فهذا العدد أعني

<<  <  ج: ص:  >  >>