للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإحدى عشرة هو ما جاءت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، واتبعه على ذلك عمر رضي الله عنه فهو خير الهدي، وأكمله، وأتمه، وأحسنه، وقد قال الله عز وجل: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [الملك: ٢] ولم يقل: ليبلوكم أيكم أكثر عملا، وأحسن العمل، وأتمه ما كان أقوى إخلاصا لله، وأشد اتباعا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتكون التروايح بإحدى عشرة، أو بثلاث عشرة ركعة هو الأفضل والأحسن، ومع ذلك لو صلاها الإنسان ثلاثا وعشرين، أو ثلاثا وأربعين أو تسعا وثلاثين أو سبع عشرة أو تسع عشرة ما أنكر عليه؛ لأن الناس اختلفوا في ذلك، ولكن الفاصل بينهم عند الخلاف هو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما الذي ينكر ما يفعله بعض الناس من السرعة العظيمة المخلة المتعبة والإمام راع، فيمن يصلي خلفه، فعليه أن يفعل ما هو الأكمل في حقهم، ولا يسرع بهم ذلك الإسراع المخل.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم قال الله تعالى: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} [الأعراف: ٣]

أيها المسلمون إن مما أنعم الله به على عباده في هذا العصر مكبرات الصوت التي تبلغ صوت الإمام لمن خلفه، فيسمعه جميع أهل المسجد، وينشطون في صلاتهم لذلك، ولكن بعض الناس استعمله استعمالا سيئا، فرفعه على المنارة، وهذا حرام؛ لأنه وقوع فيما نهي عنه النبي صلى الله عليه وسلم حين خرج على أصحابه وهم يصلون، ويجهرون بالقراءة، فقال: «كلكم يناجي ربه، فلا يجهر بعضكم على بعض في القرآن» . ولأنه أذية للمصلين حوله في المساجد والبيوت حيث يشوش عليهم القراءة والدعاء، فيحول بينهم وبين ربهم، وقد قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [الأحزاب: ٥٨] ويمكن حصول منفعة مكبر الصوت بدون مضرة بأن يفصل عن المنارة، ويوضع سماعات في داخل المسجد تنفع المصلين، ولا تؤذي من كان خارج المسجد.

اللهم ارزقنا اتباع نبينا، وتوفنا على ملته، واحشرنا في زمرته، واسقنا من حوضه، وأدخلنا في شفاعته، واجمعنا به في جنات النعيم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، اللهم ارزقنا اغتنام أوقات شهر رمضان بالعمل الصالح المقرب إليك، وزودنا بالتقوى للقيام بين يديك، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين إنك أنت الغفور الرحيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>