للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك» . للصائم فرحتان يفرحهما فرحة بنعمتين نعمة الله عليه بالصيام، ونعمته عليه بإباحة الأكل والشراب، والنكاح، وأما فرحه عند لقاء ربه، فيفرح بما يجده من النعيم المقيم في دار السلام. وفي صحيح البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أنه قال: إن في الجنة بابا يقال له: الريان يدخل منه الصائمون لا يدخله غيرهم، فإذا دخلوا أغلق، ولم يفتح لغيرهم» . وقال النبي صلى الله عليه وسلم: « (ثلاثة لا ترد دعوتهم الصائم حين يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام، وتفتح لها أبواب السماء، ويقول الرب: وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين) » .

عباد الله اغتنموا شهر رمضان بكثرة العبادة والصلاة والقراءة والإحسان على الخلق بالمال والبدن والعفو عنهم، واستكثروا فيه من أربع خصال اثنتان ترضون بهما ربكم، واثنتان لا غنى لكم عنهما، فأما اللتان ترضون بهما ربكم، فشهادة أن لا إله إلا الله والاستغفار، وأما اللتان لا غنى لكم عنهما، فتسألون الله الجنة، وتستعيذون به من النار.

عباد الله احفظوا صيامكم عن النواقص، والنواقض احفظوه عن اللغو والرفث، وقول الزور، وهو كل قول محرم وعمل الزور، وهو كل عمل محرم، فمن لم يدع قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه، ومن لم يحفظ صيامه، فرب صائم ليس له إلا الجوع والظمأ. اجتنبوا الكذب والفحش والغش والخيانة، اجتنبوا الغيبة والنميمة، اجتنبوا الأغاني المحرمة، واللهو المحرم، فعلا، وسماعا، فإن كل هذه من منقصات الصيام. قوموا بما أوجب الله عليكم من الصلاة في أوقاتها وأدائها مع الجماعة قوموا بالنصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإن الحكمة من الصيام التقوى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: ١٨٣]

عباد الله قوموا شهر رمضان، فإن من قامه إيمانا وإحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، واعلموا أن صلاة التروايح هي قيام رمضان، ولكن سميت تراويح؛ لأنهم كلما صلوا أربع ركعات استراحوا قليلا صلوا هذه التراويح بطمأنينة بخشوع وحضور قلب، فإنها صلاة لا مجرد حركات، والمقصود منها التعبد لا سرد ركعات، وإن كثيرا من الناس يتهاون بهذه التراويح من الأئمة وغير الأئمة، أما الأئمة، فكثير منهم يسرع بها إسراعا مخلا بكثير من السنن بل ربما يخل

<<  <  ج: ص:  >  >>