للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الخامسة في نماذج من أنواع الظلم]

الخطبة الخامسة

في نماذج من أنواع الظلم الحمد لله الذي حرم على عباده الظلم والطغيان وأوعد الظالمين بالعقوبة والخسران وجعل دعوة المظلوم مستجابة لإقامة العدل والميزان وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الذي حرم الظلم على نفسه فأفعاله وأحكامه دائرة بين العدل والإحسان وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المصطفى من بني عدنان صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان وسلم تسليما.

أما بعد، أيها المؤمنون: اتقوا الله تعالى وكونوا عباد الله إخوانا المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يكذبه ولا يحقره بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه أيها المؤمنون كونوا إخوانا كما جعلكم الله إخوانا لا يظلم بعضكم بعضا ولا يحدث أحدكم الآخر حديثا وهو فيه كاذب ولا يحقرن أحدكم صغيرا ولا كبيرا ليس لأحد على أحد فضل إلا بالتقوى فمن كان لله أتقى فهو عند الله أفضل وأكرم وأولى.

لا يظلم بعضكم بعضا لا في المال ولا في العرض ولا في الدم ألا وإن من الظلم أن تأخذ مال أخيك بغير حق ومن الظلم أن تبيع على بيع أخيك المسلم مثل أن تقول لمن اشترى سلعة بثمن أنا أعطيك مثلها بأقل منه أو أعطيك أطيب منها بثمنها ومن الظلم أن تسوم على سوم أخيك مثل أن يسوم شخص من إنسان سلعة فيركن صاحبها إليه ويرضى بسومه فتزيد عليه وأما بيع المزاد العلني الذي في الأسواق فلا بأس به ومن الظلم أن تستأجر على إجارة أخيك مثل أن يكون في دار أو دكان وقد رضي صاحبه بالأجرة فتنغص عليه وتزيد في الأجرة وأما إذا كان صاحب الدار أو الدكان هو الذي يطلب الزيادة فلا بأس بالزيادة ومن الظلم أن يحل لك طلب على فقير معسر فتجبره على أن يتدين ويوفيك أو تتحيل على قلب الدين عليه فإن الله يقول: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: ٢٨٠] أي فيجب انظاره حتى يوسر الله عليه ومن الظلم أن تقرض إنسانا دراهم ثم تشترط عليه زيادة في وفائها أو تشترط عليه نفعا تنتفع به ما دامت الدراهم في ذمته مثل أن تقول: أريد أن أقرضك ألفا على أن أسكن بيتك حتى توفيني أو تعمل هذا العمل حتى قال العلماء رحمهم الله: لو أهدى له المستقرض هدية ما جرت بها العادة فإنه لايجوز له أن يقبلها إلا أن ينوي المقرض مكافأته عليها أو يسقط ما

<<  <  ج: ص:  >  >>