في الحث على الصلاة وأدائها جماعة الحمد لله الذي فرض الصلاة على العباد رحمة بهم وإحسانا، وجعلها صلة بينهم وبينه ليزدادوا بذلك إيمانا، وكررها كل يوم حتى لا يحصل الجفاء، ويسرها عليهم حتى لا يحصل التعب والعناء، وأجزل لهم ثوابها، فكانت بالفعل خمسا وبالثواب خمسين فضلا منه وامتنانا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له خالقنا ومولانا، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أخشى الناس لربه سرا وإعلانا الذي جعل الله قرة عينه في الصلاة، فنعم العمل لمن أراد من ربه فضلا ورضوانا صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان، وسلم تسليما.
أما بعد أيها الناس: اتقوا الله تعالى، وحافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين. عباد الله الصلاة عمود دينكم وقوامه، فلا دين لمن لا صلاة له، لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، إقامة الصلاة إيمان، وإضاعها كفر، من حافظ عليها كانت له نورا في قلبه ووجهه وقبره وحشره، وكانت له نجاة يوم القيامة، وحشر مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور، ولا نجاة يوم القيامة، وحشر مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف. أيها المسلمون كيف تضيعون الصلاة، وهي الصلة بينكم وبين ربكم إذا لم يكن بينكم وبين ربكم صلة، فأين العبودية، وأين المحبة لله والخضوع له لقد خاب، وخسر قوم إذا سمعوا داعي الدنيا وزهرتها لبوا سراعا، وإذا سمعوا منادي الله يدعو: حي على الصلاة، حي على الفلاح تغافلوا عنه، وولوا دبارا. أيها المسلمون، ألم تعلموا أن أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة، فإن صلحت صلح سائر عمله، وإن فسدت فسد سائر عمله. يا أمة محمد من منكم عنده أمان من الموت حتى يتوب، ويصلي، أليس كل منكم يخشى الموت ولا يدري أيصبحه أم يمسيه، ألم يكن الموت يأخذ الناس بغتة وهم لا يشعرون، أما هجم على أناس وهم في دنياهم غافلون، أما بغت أناسا خرجوا من بيوتهم، ولم يرجعوا، فمن منكم أعطى أمانا ألا يكون حاله كهؤلاء. أيها المسلمون وماذا بعد هذا الموت الذي لا تدرون متى يفجؤكم؟ لا شيء بعده سوى الجزاء على ما قدمتم إما خير، فتسرون به، وإما شر فتساؤن به، وتندمون، فإن الإنسان إذا مات انقطع عمله، ولم يبق إلا الجزاء. أيها المسلمون، إذا كنتم تعترفون بذلك، ولا تنكروه، أفليس من الجدير بكم أن تبادروا