يخشع فيها قلبك، وتخشع فيها جوارحك، فأما خشوع القلب، فحضوره، واستحضاره بأن يحرص المصلي غاية ما يقدر عليه على إحضار قلبه، واستحضاره لمعاني ما يقول، ويفعل فإن الخشوع روح الصلاة ولبها ومعناها، وإن صلاة بلا خشوع كجسد بلا روح، وكلام بلا معنى، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم:«إن الرجل لينصرف، وما كتب له إلا عشر صلاته تسعها ثمنها سبعها سدسها خمسها ربعها ثلثها نصفها» . يعني والله أعلم أن ذلك على حسب حضور قلبه فيها وإحسانها وأما خشوع الجوارح فمعناه أن يحرص غاية الحرص على إتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم في حركاته وسكناته في ركوعه وفي سجوده في قيامه وفي قعوده، وأن يحرص على أن لا يتحرك إلا لحاجة، ألا وأن من صلاح الصلاة أن تطمئن في القيام والقعود والركوع والسجود، فمن نقر صلاته، ولم يطمئن فيها فلا صلاة له ولو صلى مئة مرة حتى يطمئن فيها، ألا وإن من صلاح الصلاة أن يؤديها جماعة في المساجد، فإن ذلك من واجبات الصلاة التي دل على مشروعيتها الكتاب والسنة.
لقد خاب قوم تهاونوا بصلاتهم حتى ثقلت عليهم فأشبهوا بذلك المنافقين تجد أحدهم تحبسه الحاجة الدنيوية ساعة أو ساعتين أو أكثر من ذلك، ولو كانت قليلة وزهيدة، ولا يستطيع أن يصبر عشر هذا الزمن للصلاة المكتوبة الصلاة عنده أثقل من الجبال وتنعيم بدنه، واتباع لذاته عنده هو رأس المال، فما أعظم خسارته، وما أطول ندمه عند أخذ الكتب باليمين وبالشمال. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}[البقرة: ٢٣٨] بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. . . الخ.