في مضار الخمر والتحذير منه الحمد لله الذي أباح لعباده جميع الطيبات وحرم عليهم الخبائث والمضرات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو الفضل العظيم والعطاء العميم، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المصطفى الكريم صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجهم القويم وسلم تسليما.
أما بعد أيها الناس، اتقوا الله تعالى وتمتعوا بما أباح الله لكم من الطيبات واشكروه عليها بأداء حقوقه التي أوجبها عليكم فإن الشكر سبب لدوام النعم ومزيدها، واحذروا ما حرمه عليكم من المطاعم والمشارب فإنه لو كان فيها خير لكم ما حرمها عليكم لأنه الجواد الكريم، وإنما حرم عليكم ما فيه ضرركم دينا ودنيا رحمة بكم وهو الرؤوف الرحيم. فمما حرمه الله عليكم في كتابه وعلى لسان رسوله وأجمع على تحريمه المسلمون الخمر الذي سماه النبي صلى الله عليه وسلم أم الخبائث وقال:«هي مفتاح كل شر» وأخبر الله في كتابه: أنه {رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ}[المائدة: ٩٠] ووردت الأحاديث الكثيرة في تحريمه والتحذير منه والوعيد على شربه، قال أنس بن مالك - رضي الله عنه -: «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرة عاصرها ومعتصرها وشاربها وحاملها والمحمولة إليه وساقيها وبائعها وآكل ثمنها والمشتري لها والمشتراة له» كل هؤلاء ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم وقال صلى الله عليه وسلم: «لا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن» وقال: «مدمن الخمر إن مات لقي الله كعابد وثن» وقال: «من شرب الخمر في الدنيا ثم لم يتب منها حرمها في الآخرة» وقال: «لا يدخل الجنة مدمن خمر» وقال: «إن عند الله عهدا لمن شرب المسكر أن يسقيه من طينه الخبال قيل وما طينة الخبال؟ قال: عرق أهل النار أو عصارة أهل النار القيح والدم ومن شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين صباحا» والخمر اسم جامع لكل ما خامر العقل أي غطاه سكرا وتلذذا من أي نوع كان. وقد ذكر علماء الشريعة والطب والنفس والاجتماع للخمر مضار كثيرة، فمن مضاره أنه يصد عن ذكر الله وعن الصلاة لأن صاحبه يتعلق به ولا يكاد يفارقه وإذا فارقه كان قلبه معلقا به. ومن مضاره ما فيه من الوعيد الشديد والعقوبات، ومن مضاره أنه يفسد المعدة ويغير الخلقة فيتمدد البطن وتجحظ العيون، والسكارى يسرع إليهم تشوه الخلقة والهرم وحدوث السل الرئوي وتقرح الأمعاء وإضعاف النسل أو قطعه بالكلية. ومن مضاره فساد التصور والإدراك عند السكر حتى يكون صاحبه