وقصة كعب بن مالك وصاحبيه رضي الله عنهم الحمد لله الذي أمر بالصدق جميع المؤمنين ورفع ذكر الصادقين بين العالمين وأهان الكاذبين ووضع ذكرهم في الأسفلين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الحكم العدل الملك الحق المبين وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أفضل الصادقين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليمًا.
أما بعد: أيها الناس اتقوا الله تعالى وكونوا مع الصادقين اصدقوا مع الله واصدقوا مع عباد الله «فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقًا وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابًا» .
أيها المسلمون إن الصدق بجميع أنواعه محمود إن الصادق محبوب إلى الله وإلى الخلق إن الله يرفع ذكره ويزيد أجره وإن أبين دليل على ذلك ما يحصل من ثناء الناس على الصادقين في حياتهم وبعد مماتهم أخبارهم مقبولة وأمانتهم موثوقة قد أفلح الصادقون وخاب الكاذبون.
هذا كعب بن مالك رضي الله عنه صدق الله ورسوله فرفع الله ذكره وأنزل في شأنه قرآنًا يتلى إلى يوم القيامة «تخلف رضي الله عنه عن غزوة تبوك فلم يخرج مع النبي صلى الله عليه وسلم بلا عذر فلما رجع النبي صلى الله عليه وسلم جاء المتخلفون من أهل النفاق يعتذرون كذبًا فيعذرهم ويكل سرائرهم إلى الله ثم جاء كعب فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم في وجهه تبسم المغضب وقال له ما خلفك فقال والله لقد علمت لو حدثتك اليوم بحديث كذب ترضى به عني ليوشكن الله أن يسخطك عليّ ولئن حدثتك بصدق تجد عليّ فيه إني لأرجو عقبى ذلك من الله عز وجل والله ما كان لي من عذر قال النبي صلى الله عليه وسلم أما هذا فقد صدق فقم حتى يقضي الله فيك وكان معه رجلان من المؤمنين تخلفا بدون عذر فنهى النبي صلى الله عليه وسلم الناس عن كلامهم قال كعب رضي الله عنه فاجْتَنَبَنا الناس وتغيروا لنا حتى تنكرت لي في نفسي الأرض ولقد كنت أطوف في الأسواق فما يكلمني أحد وآتي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في مجلسه بعد الصلاة فأسلم عليه وأقول في نفسي أحرك شفتيه برد السلام عليّ أم لا حتى إذا طال ذلك عليّ من هجر المسلمين تسلقت حائط أبي قتادة وهو