للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية في عذاب النار]

الخطبة الثانية

في عذاب النار الحمد لله مستحق الحمد وأهله الجازي خلقه جزاء دائرا بين فضله وعدله وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ملكه وحكمه وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أفضل خلقه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومتبعي هديه وسلم تسليما.

أما بعد: أيها الناس اتقوا الله تعالى واتقوا النار التي أعدت للكافرين وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون اتقوا النار بطاعة الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه فإنه لا نجاة لكم من النار إلا بهذا. اتقوا النار فإنها دار البوار دار البؤس والشقاء والخزي والعار دار من لا يؤمن بالله واليوم الآخر ساكنوها شرار خلق الله تعالى من الشياطين وأتباعهم قال الله تعالى مخاطبا لإبليس: {فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ - لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ} [ص: ٨٤ - ٨٥] دار فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف وغيرهم من طغاة الخلق وفجارهم دار عبد الله بن أبي وأحزابه من منافقي هذه الأمة وخونتها. هؤلاء سكانها كفار فجرة وطغاة ظلمة ومنافقون خونة ولئن سألتم عن مكانها فإنها في أسفل السافلين وأبعد ما يكون عن رب العالمين فهي دار عقاب الله فأبعدت عن رحمة الله وعن دار أولياء الله يؤتى بها يوم القيامة لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها حرها شديد وقعرها بعيد ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ناركم هذه ما يوقد بنو آدم جزء واحد من سبعين جزءا من نار جهنم قالوا يا رسول الله إنها أي نار الدنيا لكافية قال إنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءا كلهن مثل حرها» . وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فسمعنا وجبة أي صوت شيء سقط فقال النبي صلى الله عليه وسلم أتدورن ما هذا قالوا الله ورسوله أعلم قال حجر أرسله الله في جهنم منذ سبعين خريفا يعني سبعين سنة فالآن حين انتهى إلى قعرها» (رواه مسلم) . وفي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: يقال لليهود والنصارى وهم الذين يتسمون الآن بالمسيحيين «يقال لليهود والنصارى ماذا تبغون فيقولون عطشنا ربنا فاسقنا فيشار إليهم ألا تردون فيحشرون إلى جهنم كأنها سراب يحطم بعضها بعضا فيتساقطون في النار قال الله تعالى: {وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا} [مريم: ٨٦] عباد الله ما ظنكم بقوم قاموا على أقدامهم خمسين ألف عام لم يأكلوا فيها أكلة ولم يشربوا فيها شربة قد تقطعت أكبادهم جوعا واحترقت

<<  <  ج: ص:  >  >>