للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الخامسة في بيان شيء من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم]

الخطبة الخامسة

في بيان شيء من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم الحمد لله ذي الفضل والإحسان والكرم والامتنان اصطفى نبينا محمد اصلى الله عليه وسلم على جميع بني الإنسان وأدبه فأحسن تأديبه فكان خلقه القرآن وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في الألوهية والربوبية والأسماء والصفات الحسان وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المبعوث بمكارم الأخلاق وأتم الأديان صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والذين اتبعوهم بإحسان وسلم تسليما.

أما بعد أيها الناس: اتقوا الله تعالى واعرفوا أخلاق نبيكم المصطفى فإنها مشتملة على القيام بحق الله وحقوق عباده وبها الحياة السعيدة والغايات الحميدة كان صلى الله عليه وسلم قائما بشكر ربه منيبا إليه كثير التوبة والاستغفار «فلقد قام يصلي حتى تورمت قدماه فقيل يا رسول الله أليس قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فقال أفلا أكون عبدا شكورا» ، «وقد خير بين أن يكون عبدا نبيا أو ملكا نبيا فقال لا بل أكون عبدا نبيا» وقال صلى الله عليه وسلم «إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة» وكان أشد الناس خوفا من الله «فكان إذا رأى غيما أو ريحا عرف ذلك في وجهه فقالت عائشة يا رسول الله الناس يفرحون رجاء المطر وأنت تعرف الكراهية في وجهك فقال: يا عائشة وما يؤمنني أن يكون فيه عذاب قد عذب قوم بالريح» وكان مع ذلك أعظم الناس شجاعة وأشدهم بأسا «فلقد فزع أهل المدينة ذات ليلة فانطلق الناس قبل الصوت فتلقاهم النبي صلى الله عليه وسلم راجعا وقد سبقهم إلى الصوت واستبرأ الخبر على فرس لأبي طلحة عري في عنقه السيف وهو يقول: لم تراعوا» وكان صلى الله عليه وسلم حليما رفيقا «أدركه أعرابي فجذبه جذبا شديدا وكان عليه برد غليظ الحاشية فأثرت حاشيته في عاتق رسول الله صلى الله عليه وسلم من شدة جذب الأعرابي فقال يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فضحك ثم أمر له بعطاء» وخدمه أنس بن مالك رضي الله عنه عشر سنين في الحضر والسفر فما قال له أف قط ولا قال لشيء صنعه لم صنعته ولا لشيء تركه لم تركته وما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده شيئا قط لا امرأة ولا خادما إلا أن يجاهد

<<  <  ج: ص:  >  >>