في سبيل الله وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيء من محارم الله فينتقم لله وكان أحسن الناس خلقا فلم يكن فاحشا ولا متفحشا ولا سبابا ولا لعانا وما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما فيكون أبعد الناس عنه وكان أجود الناس فما سئل على الإسلام شيئا إلا أعطاه فجاءه رجل فأعطاه غنما بين جبلين فرجع إلى قومه فقال: يا قوم أسلموا فإن محمدا يعطي عطاء من لا يخشى الفاقة وكان أزهد الناس في الدنيا فقد خير بين أن يعيش في الدنيا ما شاء الله أن يعيش وبين لقاء ربه فاختار لقاء ربه وكان يلتوي من الجوع ما يجد من الدقل ما يملأ به بطنه ومات ولم يخلف دينارا ولا درهما ولا شاة ولا بعيرا إلا سلاحه وبغلته ودرعه مرهونة عند يهودي بشعير ابتاعه لأهله وكان بيده عقار ينفق على أهله منه والباقي يصرفه في مصالح المسلمين وكان يرقع ثوبه ويخصف نعله ويكون في مهنة أهله ويمشي مع الأرامل والمساكين ويجيب دعوتهم ويقضي حاجتهم ويسلم على الصبيان إذا مر عليهم وكان يمزح ولا يقول إلا حقا وكان طويل الصمت قليل الضحك كثير التبسم وكان دائم البشر سهل الخلق لين الجانب ليس بفظ ولا غليظ وكان محترما مفخما إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير وإذا سكت تكلموا وكان أشد حياء وأفصحهم لسانا وأبلغهم بيانا صلى ذات يوم الفجر فصعد المنبر فخطب الناس حتى حضرت الظهر فنزل فصلى ثم صعد المنبر حتى حضرت العصر فنزل فصلى ثم صعد المنبر حتى غربت الشمس فأخبرهم بما كان وما هو كائن. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (بسم الله الرحمن الرحيم {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ - مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ - وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ - وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}[القلم: ١ - ٤] بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.