للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثالثة في ذكر عدد من أشراط الساعة]

الخطبة الثالثة

في ذكر عدد من أشراط الساعة الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب فمنه بدأ وإليه يعود والحمد لله الذي بوأ لإبراهيم مكان البيت للركوع والسجود وتبارك الذي له ملك السماوات والأرض وعنده علم الساعة وإليه المآب والرجوع وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ شهيد وأشهد أن محمدا عبده ورسوله سيد الرسل وخلاصة العبيد صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم في التقوى والقول السديد وسلم تسليما.

أما بعد أيها المؤمنون: اتقوا الله تعالى فإن تقوى الله سبب لسعادة الدنيا والآخرة ومن يتق الله يجعل له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا وييسر له أمره وينور له قلبه ويغفر له ذنبه ألا وإن التقوى هي اتخاذ ما يقي من عذاب القبر وعذاب الجحيم ولا يكون ذلك إلا بفعل الأوامر واجتناب النواهي والخوف من الرب العظيم ولا يكون ذلك إلا بتقديم العدة والاستعداد لليوم الآخر العظيم ذلك اليوم الذي تحشرون فيه إلى الله حافية أقدامكم عارية أجسامكم شاخصة أبصاركم ذاهلة عقولكم ولما كان هذا اليوم عظيم الأهوال شديد الأحوال قدم الله بين يديه من العلامات والدلائل ما يبين به اقترابه ليستعد له ويحذر عذابه وقد سبق لنا من علامات الساعة خروج الدجال ونزول عيسى بن مريم وخروج يأجوج ومأجوج، ألا وإن من علامات الساعة طلوع الشمس من مغربها ففي صحيح البخاري «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي ذر حين غربت الشمس أتدري أين تذهب قلت الله ورسوله أعلم قال فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش فتستأذن فيؤذن لها ويمكن أن تسجد فلا يقبل منها وتستأذن فلا يؤذن لها فيقال لها ارجعي من حيث جئت فذلك قوله تعالى: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} [يس: ٣٨] » . وعن أبي هريرة رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها فإذا طلعت ورآها الناس آمنوا أجمعون وذلك حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا» وإنما كان طلوع الشمس من مغربها من علامات الساعة لأن هذه الشمس من آيات الله ولم يتغير مجراها منذ خلقها الله تعالى حتى يأتي أمر الله فإذا تغير نظامها دل ذلك على أن العالم قد آذن بالخراب والزوال ألا وإن من أشراط الساعة بعثة النبي صلى الله عليه

<<  <  ج: ص:  >  >>