[الخطبة الرابعة في أن من محاسن الإسلام الإيمان بجميع الكتب والرسل]
الخطبة الرابعة
في أن من محاسن الإسلام الإيمان بجميع الكتب والرسل الحمد لله الذي بعث النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه نحمده على إحسانه الكامل ونشكره على فضله الوافر وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وإن رغم أنف الكافر وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أفضل من دعا إلى الله وجاهد في سبيله وصابر صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم يجمع الله فيه بين الأول والآخر وسلم تسليما.
أما بعد: أيها الناس اتقوا الله تعالى واعرفوا نعمته على خلقه بإرسال الرسل وإنزال الكتب فإن حاجة الناس بل ضرورتهم إلى ذلك أعظم من حاجتهم وضرورتهم إلى الطعام والشراب والهواء فإن الله خلقهم أول ما خلقهم على الفطرة وأوحى إلى أبيهم آدم بما تتوقف عليه مصلحتهم في ذلك الوقت ثم لما طال الزمن وكثر بنو آدم اختلفوا فيما بينهم فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه فأول رسول بعثه الله نوح عليه الصلاة والسلام وما زال الله تعالى يبعث الرسل من حين لآخر بحسب ما تتطلبه مصلحة عباده حتى ختم الله أنبياءه ورسله بخاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم وكان عدة الأنبياء مئة وعشرين ألفا منهم ثلثمائة وبضعة عشر رسولا فآمنوا بهذه الكتب وآمنوا بهؤلاء الرسل وقولوا آمنا بالله وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون فالإيمان بالكتب أن تؤمنوا بما سمى الله لكم وعينه باسمه فتؤمنوا بالصحف التي أنزلها على إبراهيم وبالتوراة التي أنزلها الله على موسى وبالزبور الذي آتاه الله داود وبالإنجيل الذي أنزله الله على عيسى وبالفرقان وهو القرآن الذي أنزله الله على محمد صلى الله عليه وسلم وعليهم أجمعين وأما ما لم يعينه الله لكم من الكتب فتؤمنون به على وجه الإجمال أي تؤمنون بكل كتاب أنزله الله على كل نبي من الأنبياء ومن الإيمان بالكتب الإيمان بأن هذا القرآن الذي أنزله الله على محمد صلى الله عليه وسلم كلام الله تكلم به حقيقة وألقاه إلى جبريل القوي الأمين ثم نزل به جبريل على قلب محمد صلى الله عليه وسلم فوعاه لفظا ومعنى وبلغه إلى أمته بلغه الصحابة رضي الله عنهم الذين هم أكمل هذه الأمة إيمانا وأحفظهم أمانة فلم يمض بعد النبي صلى الله عليه وسلم زمن الخلفاء الراشدين حتى