نماذج من الآداب الفاضلة وضدها الحمد لله الذي أرسل رسله بالهدى ودين الحق ليخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض، فهدى به من الضلالة، وبصر به من العمى، وهدى به إلى صراط مستقيم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة نرجو بها النجاة من العذاب الأليم والفوز بالنعيم المقيم، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المصطفى الكريم صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما.
أما بعد أيها الناس: اتقوا الله تعالى؛ وتخلقوا بمكارم الأخلاق، وتجنبوا أراذلها، فإنكم إن فعلتم ذلك هديتم إلى سنة نبيكم، ونلتم سعادة الدنيا والآخرة، أيها المسلمون: لقد جاء الإسلام آمرا، وداعيا، ومرغبا في مكارم الأخلاق، وناهيا، ومحذرا عن مساويء الأخلاق، ألا وإن من مكارم الأخلاق لزوم الصدق في الأقوال والأفعال، فإن الصدق يهدي إلى البر، والبر يهدي إلى الجنة، ولا يزال الرجل يصدق، ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا، ولقد أمر الله بالصدق، وأثنى على أهله فقال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}[التوبة: ١١٩] وقال: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ - لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ}[الزمر: ٣٣ - ٣٤] ولقد رفع الله للصادقين ذكرهم في حياتهم، وبعد مماتهم، فكانوا محل ثقة الناس، وبذكرهم تطيب المجالس، ويثنى عليهم. ألا وإن من مساويء الأخلاق أن يكون الإنسان كاذبا في قوله وفعله، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، ولا يزال الرجل يكذب، ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا، ولقد أخبر الله تعالى في كتابه أن الكذب من صفات من لا يؤمنون بالله فقال تعالى:{إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ}[النحل: ١٠٥] وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم الكذب من علامات النفاق، فقال:«آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان» والله سبحانه وتعالى بحكمته وضع الكاذبين في الموضع اللائق بهم، فكانوا محلا للقدح وعدم الثقة، وذلك جزاء الكاذبين. ألا وإن من مكارم الأخلاق أن يعامل الرجل الناس بالنصيحة والمعاملة الحسنة، يعاملهم بما يجب أن يعاملوه به يعاملهم بالصراحة