[الخطبة العاشرة في أن ذكر الله يكون بالقلب وباللسان وبالجوارح]
الخطبة العاشرة
في أن ذكر الله يكون بالقلب وباللسان وبالجوارح الحمد لله الذي جعل ذكره سببا للفوز بدار السلام، ومكفرا للذنوب والآثام، وجعل الإعراض عنه سببا للخسارة والحرمان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ذو الجلال والإكرام، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أفضل الأنام، ومصباح الظلام صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الكرام وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم المقام، وسلم تسليما. أما بعد: فيا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا، وسبحوه بكرة وأصيلا، واعلموا أن في ذكر الله حياة القلوب والقرب من علام الغيوب، وفي ذكر الله كشف الغموم وتفريج الكروب وفي ذكر الله زوال المكروه، وحصول المطلوب، وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول الله عز وجل:«أنا عند ظن عبدي، وأنا معه حين يذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن اقترب إلى شبرا اقتربت إليه ذراعا، وإن اقترب إلي ذراعا اقتربت إليه باعا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة» . وذكر الله تعالى محله القلب واللسان والجوارح، فأما ذكر الله بالقلب، فمعناه أن يكون ذكر الله تعالى دائما في قلبه يفكر في أسماء الله الحسنى ومعاني صفاته العليا، وأفعاله التي بهرت العقول وأحكامه التي بلغت من الحكمة غايتها القصوى، وأما ذكر الله باللسان، فمعناه أن ينطق بلسانه بذكر ربه بذكر أسمائه وصفاته وأحكامه، فالتهليل والتكبير والتسبيح والحمد والثناء من ذكر الله، ودرس القرآن، والعلوم الدينية، وتعليمها، وتعلمها من ذكر الله، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر من ذكر الله، وأما ذكر الله بالجوارح، فإن كل فعل تفعله متقربا إلى الله متبعا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو من ذكر الله أيها المؤمنون اذكروا ربكم قياما وقعودا، وعلى جنوبكم، فإن ذلك هو الحياة والصلاح، واعرفوا، رحمكم الله، الأذكار الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم، واعملوا بها، فإنها خير وبركة، فمن ذلك أن النبي صلىالله عليه وسلم قال:«من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير في يوم مئة مرة كانت له عدل عشر رقاب، وكتبت له مئة حسنة، ومحيت عنه مئة سيئة، وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك، ومن قال: سبحان الله وبحمده في يوم مئة مرة حطت خطاياه، ولو كانت مثل زبد البحر» . وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك