في كيفية الوضوء الحمد لله الملك العظيم البر الرحيم الذي يحكم بالحق، ويقضي بالعدل إن ربي على صراط مستقيم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تنقذ قائلها من العذاب الأليم، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي بين لأمته ما ينفعها من الخير وحذرها عن الشر الذي يوقعها في عذاب الجحيم صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم في نهجهم القويم، وسلم تسليما.
أما بعد أيها الناس: اتقوا الله تعالى، واعرفوا ما أوجبه الله عليكم من أحكام دينكم، فإنه لا قوام للآخرة، بل ولا للدنيا، إلا بالتمسك بدين الله، والاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد أوجب الله عليكم الطهارة من الحدث الأكبر والأصغر إذا أردتم القيام للصلاة، من أراد منكم أن يصلي، فليتوضأ على الوجه المشروع، وصفة ذلك أن ينوي الوضوء، ثم يقول: بسم الله، ثم يغسل كفيه ثلاث مرات، ثم يتمضمض، ويستنشق ثلاث مرات، ثم يغسل وجهه كله ثلاثا من الأذن إلى الأذن عرضا، ومن منابت شعر الرأس إلى أسفل اللحية طولا، لا يجوز أن يفرط بشيء من ذلك، ثم يغسل يديه إلى المرفقين ثلاثا، ويجب أن يلاحظ المتوضيء كفيه عند غسل ذراعيه، فيغسلهما مع الذراعين، فإن بعض الناس يغفل عن ذلك، ولا يغسل إلا ذراعيه، وهو خطأ، ثم يمسح رأسه كله بيديه من مقدمه إلى قفاه، ويمسح أذنيه، فيدخل سباحتيه في صماخيهما، ويمسح بإبهاميه ظاهرهما، ثم يغسل رجليه مع الكعبين ثلاث مرات، ومن نسي منكم أن يسمي حتى فرغ، فوضوؤه صحيح، وإن ذكر في أثنائه سمى، واستمر على وضوئه، ومن كان منكم في يده، أو غيرها من أعضاء الوضوء جرح يضره الغسل، فلا يغسله، فإن وضع عليه دواء، أو خرقة، فيجب أن يكون ذلك بقدر الحاجة، وأما ما يفعله بعض الناس من أنه إذا كان جرح في رأس إصبعه، فإنه يشد خرقة على إصبعه كله من غير حاجة، فهذا لا يجوز بل عليه أن يكون بقدر حاجته، ثم بعد ذلك يمسح عليه عند الوضوء، ولا يحتاج إلى التيمم بعد ذلك، ومن توضأ منكم، فإنه