للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثالثة فيما يتهاون به بعض الناس من شؤون الصلاة]

الخطبة الثالثة

فيما يتهاون به بعض الناس من شؤون الصلاة الحمد لله الذي أحكم ما شرعه، وأتقن ما صنعه، حد لعباده الحدود، وشرع لهم الشرائع، وبين لهم كل ما يحتاجون إليه من أمر الدين والدنيا، فسبحانه من رب رحيم وإله حكيم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله البشير النذير والسراج المنير صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليما.

أما بعد: أيها الناس اتقوا الله تعالى، واعلموا أن الله فرض عليكم فرائض، فلا تضيعوها، وحد حدودا فلا تعتدوها. فرض عليكم الفرائض لتصلوا بها إلى أسمى الغايات، وأعلى الدرجات في روضات الجنات، ولتنجوا بها من عذاب النار، والهلكات. فرض عليكم الصلوات الخمس، وأمركم بإقامتها، والمحافظة عليها، فأدوها كما أمرتم أدوها بشروطها وأركانها وواجباتها وأكملوها بمستحباتها، ولا تتهاونوا بها، فتكونوا من الخاسرين.

أيها الناس، إن كثيرا من المسلمين يتهاونون في صلاتهم، فلا يؤدونها في الوقت المحدد لها. فوقت الظهر من زوال الشمس، وهو تجاوزها لوسط السماء، وعلامته ابتداء زيادة الظل بعد انتهاء قصره يمتد وقتها من الزوال إلى دخول وقت العصر وذلك بأن يكون ظل الشيء مساويا له من ابتداء ظل الزوال، وينتهي وقت العصر باصفرار الشمس في حال الاختيار وبغروب الشمس في حال الضرورة، ثم يدخل وقت المغرب من غروب الشمس إلى مغيب الشفق الأحمر حوالي ساعة ونصف من الغروب، ثم يدخل وقت العشاء إلى نصف الليل. أربع صلوات أوقاتها متوالية لا فصل بينها كلما خرج وقت صلاة دخل وقت أخرى. ووقت الفجر من طلوع الفجر الصادق، وهو البياض المعترض في الأفق على طلوع الشمس، وهي منفصلة عن بقية الصلوات بينها وبين العشاء من نصف الليل إلى طلوع الفجر وبينها وبين الظهر من طلوع الشمس إلى زوالها. قال الله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ} [الإسراء: ٧٨] وهذه تستوعب أوقات الصلوات الأربع الظهر والعصر والمغرب والعشاء، ثم فصل، وقال: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ} [الإسراء: ٧٨] يعني صلاة الفجر سماها الله قرآنا لطول القراءة فيها: {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: ٧٨]

<<  <  ج: ص:  >  >>