للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا يحل للمسلم أن يقدم من صلاته جزءا قبل الوقت، ولا أن يؤخر منها جزءا بعده، فكيف بمن يؤخرون جميع الصلاة عن وقتها كسلا وتهاونا وإيثارا للدنيا على الآخرة، ويتنعمون بنومهم على فراشهم، ويتمتعون بلهوهم، ومكاسبهم كأنما خلقوا للدنيا، كأنهم لا يقرءون القرآن كأنهم لا يقرءون قوله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ - الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون: ٤ - ٥] وكأنهم لا يقرءون: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا - إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا} [مريم: ٥٩ - ٦٠] كأني بهم لم تبلغهم أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في وعيد من أضاع الصلاة، أو لم يبالوا بذلك لقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الذي تفوته صلاة العصر كأنما وتر أهله وماله» . أي: كأنما أصيب بفقد أهله وماله، فسبحان الله! ما أعظم الأمر! وما أفدح الخسارة الذي تفوته صلاة العصر! كأنما فقد أهله، وماله، فأصبح أعزب بعد التأهل وفقيرا بعد الغنى، هكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم، وما ينطق عن الهوى، تصوروا لو أن شخصا من بيننا كان له أموال وأهل، وكان مسرورا في ماله وبين أهله، ثم أصيب بجائحة أتلفت أمواله، وأهلكت أهله، فماذا تكون حالة الناس بالنسبة له؟ إنهم لا بد أن يرحموه، ولا بد أن يواسوه في هذه المصيبة، ويقدمون له أنواع العزاء ومع ذلك، وللأسف الشديد نرى كثيرا من الناس تفوتهم صلاة العصر وصلوات أخرى كثيرة، ولا يحزنون لذلك، ولا يبالون بما حدث، وإخوانهم المسلمون يشاهدونهم على ذلك، فلا يرحمونهم، ولا يخوفونهم من عذاب الله وعقابه الذي يعمهم جميعا إذا لم يقوموا بما أوجب الله عليهم.

وكثير من المصلين يتهاونون بستر العورة وقد قال الله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: ٣١] قال العلماء محددين للعورة: عورة الرجل كل ما بين السرة والركبة، وعورة المرأة البالغة جميع بدنها ما عدا الوجه فإنه عورة في النظر وليس عورة في الصلاة، فلا يجب عليها أن تستره في الصلاة إلا أن يراها رجل غير زوج، ولا محرم، فيجب عليها ستره حينئذ من أجل أن لا ينظر إليها لا من أجل الصلاة.

فاتقوا الله عباد الله، وتستروا في الصلاة بثوب مباح طاهر لا يصف لون الجلد من ورائه، واحذروا التهاون في ذلك، فإن كثيرا من المترفين يلبسون ثيابا ناعمة رهيفة أو صافية لا تستر؛ لأن لون الجلد يبين من ورائها، وليس عليهم إلا سراويل قصيرة لا تصل إلى الركبة، فيبين لون

<<  <  ج: ص:  >  >>