الفخذ من تحت الثوب وهؤلاء لم يأتوا بواجب الستر الذي هو من شروط الصلاة، فعليهم أن يطولوا السراويل من السرة إلى الركبة ليستروا بذلك عورتهم.
وإن مما يتهاون به بعض الناس الخشوع في الصلاة وهو حضور القلب وسكون الأعضاء، فأما حضور القلب فكثير من الناس من حين ما يدخل في الصلاة يبدأ قلبه يتجول يمينا وشمالا في التفكير والهواجيس، ومن عجب أنه كان لا يفكر في هذه الأمور قبل أن يدخل في الصلاة، وأعجب من ذلك أنها أمور لا فائدة منها غالبا، فهي لا تهمه في شؤون دينه ولا دنياه، ولكن الشيطان يجلبها إليه ليفسد عليه صلاته، ولهذا تجده يخرج من صلاته، وما استنار بها قلبه، ولا قرت بها عينه، ولا انشرح بها صدره، ولا قوي بها إيمانه؛ لأنها صارت عبارة عن حركات كحركات الآلة الأتوماتيكية. وإن هذه الداء أعني الهواجيس في الصلاة لداء مستفحل ومرض منتشر ليس بين عامة الناس ولكن بين عامة الناس وخواصهم حتى ذوي العلم والعبادة، إلا من شاء الله تعالى، ولكن لكل داء دواء، ولله الحمد، فإذا أحس الإنسان بذلك، فليستعذ بالله من الشيطان الرجيم، وليستحضر أنه بين يدي الله عز وجل الذي يعلم خائنة الأعين، وما تخفي الصدور، وليتدبر ما يقول في صلاته، وما يفعل، فلعل الله أن يذهب عنه ما يجد. وأما سكون الجوارح فكثير من المصلين لا تسكن جوارحه، تجده يعبث بيديه أو رجليه أو عينيه أو رأسه، يحرك يده ينظر إلى ساعته يعبث في لحيته يقدم رجله، ويردها يرفع بصره إلى السماء، ورفع البصر إلى السماء في الصلاة ينافي الآدب مع الله، ولذلك كان حراما، وحذر منه النبي صلى الله عليه وسلم تحذيرا بالغا، وقال فيه قولا شديد، فقال صلى الله عليه وسلم:«ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم» ، فاشتد قوله في ذلك حتى قال:«لينتهن عن ذلك أو لتخطفن أبصارهم» .
فاتقوا الله عباد الله، واحذروا أن تتعرضوا لعقوبة الله. أما الحركة التي لمصلحة الصلاة، فهذه لا بأس بها بل هي مطلوبة، ولذلك أخر النبي صلى الله عليه وسلم ابن عباس رضي الله عنهما حينما صلى معه، فوقف على يساره، فأخذ برأسه من ورائه، فجعله عن يمينه. فإذا تحرك المصلي لتعديل الصف أو للقرب منه أو للدخول في الصف المقابل له، أو جر أخاه لسد الخلل بينهما، فكل ذلك جائز بل مطلوب؛ لأنه من تكميل الصلاة.
فاتق الله أيها المسلم في صلاتك اتخذها عبادة لا عادة، اخشع فيها لربك، وأحضر قلبك