في حكم التحيل على الربا الحمد لله الذي أباح لنا من المكاسب أحلها وأزكاها وأقومها بمصالح العباد وأولاها وحرم علينا كل كسب مبني على ظلم النفوس وهواها، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له خلق الخليقة وبراها وبين لها طرق رشدها وهداها، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أزكى الخليقة عبادة ومعاملة وأتقاها صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليما.
أما بعد، أيها الناس: اتقوا الله تعالى واحذروا أسباب سخطه وعقابه، واحذروا الربا فإنه من أسباب لعنة الله ومن الكبائر التي حذر الله عنها ورسوله قال الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ - فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}[البقرة: ٢٧٨ - ٢٧٩] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «الربا ثلاث وسبعون بابا أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه» رواه الحاكم وله شواهد، وفي صحيح مسلم عن جابر - رضي الله عنه - قال:«لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، وقال هم سواء يعني في الإثم» . أيها المسلمون، إن الربا فساد في الدين والدنيا والآخرة، إنه فساد في المجتمع واستغلال مبني على الشح والطمع، ولكن المرابي قد زين له سوء عمله فرآه حسنا فهو من الأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.
أيها المسلمون، لقد بين النبي صلى الله عليه وسلم الربا أين يكون وكيف يكون فقال صلى الله عليه وسلم:«الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل يدا بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربى، الآخذ والمعطي فيه سواء» رواه أحمد والبخاري. فهذه هي الأصناف التي نص عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وألحق بها العلماء ما كان في معناها، بين النبي صلى الله عليه وسلم أن هذه الأصناف إذا بيع الشيء منها بجنسه فلا بد فيه من أمرين: الأول القبض من الطرفين في مجلس العقد، والثاني التساوي بأن لا يزاد أحدهما على الآخر، فإن اختل أحد الأمرين وقع المتعاقدان في الربا.
أيها الناس إن من المعلوم أن أكثر الدول الآن لا تتعامل بالذهب والفضة كنقد، وإنما تتعامل بالأنواط بدلا عن الدراهم، والبدل له حكم المبدل فيكون لهذه الأنواط حكم ما جعلت