[الخطبة الثانية في حماية الإسلام للدين والنفس والعرض والمال]
الخطبة الثانية
في حماية الإسلام للدين والنفس والعرض والمال الحمد لله القوي العظيم الرؤوف الرحيم يقضي بالحق ويحكم بالعدل وهو الحكيم العليم وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة أرجو بها النجاة من العذاب الأليم والفوز بالنعيم المقيم وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المبعوث بالحق الداعي إلى صراط مستقيم صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم في هديهم القويم وسلم تسليما.
أما بعد: أيها الناس اتقوا الله سبحانه واشكروه على ما أنعم به من حماية الدين والنفس والمال والعرض.
حمى لكم الدين بما أقام عليه من الآيات البينات على صحته لتأخذوا به عن بصيرة وبرهان، وحمى لكم الدين بما رتب على القيام به من الثواب لترغبوا فيه وتستقيموا عليه، وحمى لكم الدين بما رتب على مخالفته من العقاب حتى لا تخرجوا عنه، وحمى لكم الدين بما كتب عليكم من الجهاد بالمال والنفس لتحموه وتدافعوا عنه.
ولقد حمى الله النفوس وأكد تحريمها وحرمتها في كتابه وسنة رسوله ليستقيم المجتمع ويحل فيه الآمن قرن الله الاعتداء على النفس بالاعتداء على الدين فقرن القتل بالشرك قال الله تعالى:{وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ}[الفرقان: ٦٨] قال تعالى: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}[الأنعام: ١٥١]
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- «اجتنبوا السبع الموبقات الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق» وذكر تمام الحديث وقال «سباب المسلم فسوق وقتاله كفر» . وقال «لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما»(رواه البخاري) وقال «لزوال الدنيا يعني كلها أهون عند الله من قتل رجل مسلم» ومن أجل ذلك جعل الله في القتل المتعمد عقوبات غليظة وقصاصا ثابتا فقال تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}[النساء: ٩٣] جزاء مروع نار وغضب ولعنة وعذاب عظيم.
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- «لو أن أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار» ومن أجل حماية النفس شرع الله القصاص فقاله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى}[البقرة: ١٧٨]