للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية في فوائد الوضوء والمسح على الخفين والتيمم]

الخطبة الثانية

في فوائد الوضوء والمسح على الخفين والتيمم الحمد لله الذي شرع لعباده، ويسرها، وضاعف لهم عليها الأجور، وكملها، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له مخلصين له الدين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أفضل المرسلين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليما.

أما بعد: أيها الناس اتقوا الله تعالى، واحمدوه على ما أنعم به عليكم من هذا الدين القويم والصراط المستقيم، واعرفوا نعمته عليكم بتيسيره، وتسهيله، فإنه تعالى لم يجعل عليكم فيه حرجا، ولا مشقة، ولا تضييقا، ولا عسرة، وإنما بعث النبي صلى الله عليه وسلم بالحنيفية السمحة، ولقد أنعم الله علينا مع التيسير والتسهيل بكثرة الأجور، والثواب الجزيل، فالحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم. عباد الله: إذا نظر الإنسان إلى هذه الشريعة وجدها، ولله الحمد، سهلة ميسرة في جميع أحكامها، فأصل العبادات ميسرة، ثم إذا طرأ على العبد حال توجب التخفيف خفف الله عنه بحسب حاله، فالطهارة للصلاة فرضها الله تعالى على وجه سهل يسير يطهر الإنسان في الوضوء أربعة أعضاء فقط هي الوجه أعضاء فقط هي الوجه واليدان إلى المرفقين غسلا، والرأس مسحا لا غسلا؛ لأن غسله يشق خصوصا في أيام البرد ومع كثر الشعر عليه، فإنه لو غسل لكان رطبا دائما، وتسرب من الماء إلى الثياب، فآذى الإنسان، ولكن الله خفف عن عباده، وفرض مسحه دون غسله، والعضو الرابع الرجلان إلى الكعبين غسلا هذه هي الأعضاء المفروض تطيرها في الوضوء، وما أيسر تطهيرها، وما أعظم فائدته، فإن هذه الأعضاء هي أعضاء العمل غالبا، ففي الوجه النظر والشم والكلام، وفي الرأس السمع، والتفكير، وفي اليدين البطش، وفي الرجلين المشي، فأكثر عمل الإنسان بهذه الأعضاء، فتطهيرها تكفير للأعمال التي عملها بها كما جاء ذلك في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الرجل إذا غسل وجهه خرجت خطايا وجهه مع الماء، وإذا غسل يديه ورجليه خرجت خطايا يديه ورجليه، فإذا مسح رأسه خرجت خطايا رأسه حتى يخرج نقيا من الذنوب» وقال صلى الله عليه وسلم: «ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إسباغ الوضوء على المكاره يعني إكماله بمشقة مثل أيام البرد والشتاء، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط، قالها ثلاثا» .

<<  <  ج: ص:  >  >>