في التحذير من الكذب الحمد لله مستحق الحمد وأهله يجزي الصادقين بصدقهم من رحمته وفضله ويجازي الكاذبين فيعاقبهم إن شاء بحكمته وعدله وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في حكمه وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أفضل خلقه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعه في هديه وسلم تسليمًا.
أما بعد: أيها الناس اتقوا الله تعالى وكونوا مع الصادقين في عبادة الله ومع الصادقين في عباد الله اصدقوا الله تعالى في عبادته اعبدوه مخلصين له غير مرائين في عبادته ولا مسمعين امتثلوا أمره طلبًا للقرب منه والحصول على ثوابه اجتنبوا نهيه خوفًا من البعد عنه والوقوع في عقابه لا تبتغوا في عبادته أن يراكم الناس أو يسمعوكم فيمدحوكم عليها فإن الله أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملًا أشرك فيه معه غيره تركه وشركه. اصدقوا النبي صلى الله عليه وسلم في اتباعه ظاهرًا وباطنًا غير مقصرين في سنته ولا زائدين عليها اصدقوا الناس في معاملتهم أخبروهم بالواقع فيما تخبرونهم به وبينوا لهم الحقيقة فيما تعاملونهم به ذلك هو الصدق الذي أمركم الله به ورسوله يقول الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}[التوبة: ١١٩] ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقًا» . لقد بيَّن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن للصدق غايةً وللصادق مرتبةً أما غاية الصدق فهي البر والخير ثم الجنة وأما مرتبة الصادق فهي الصديقية وهي المرتبة التي تلي مرتبة النبوة {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا}[النساء: ٦٩] وإن الصادق لمعتبر بين الناس في حياته ومماته فهو موضع ثقة فيهم في أخباره ومعاملته وموضع ثناء حسن وترحم عليه بعد وفاته.
واحذروا أيها المسلمون من الكذب احذروا من الكذب في عبادة الله لا تعبدوا الله رياءً وسمعةً وخداعًا ونفاقًا واحذروا من الكذب في اتباع رسول الله لا تبتدعوا في شريعته ولا تخالفوه في هديه واحذروا من الكذب مع الناس لا تخبروهم بخلاف الواقع ولا تعاملوهم بخلاف الحقيقة. إن المؤمن لا يمكن أن يكذب لأن الكذب من خصال المنافقين