: {وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}[الأنفال: ١٣] مغترين بإمهال الله لهم، واستدراجه إياهم بنعمة كأنهم لم يسمعوا قول النبي صلى الله عليه وسلم «إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته» وتلا قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ}[هود: ١٠٢]
إن هؤلاء الذين يسمعون الحق، ويعرضون عنه محرومون من قوله تعالى:{فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى}[طه: ١٢٣] ولهم نصيب من قوله تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى - قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا - قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى}[طه: ١٢٤ - ١٢٦]
فيا أيها الناس يا عباد الله اتقوا ربكم اخضعوا لأوامره، وإن خالفت أهواءكم، واجتنبوا نواهيه، وإن وافقت أهواءكم لا تريدوا أن تجعلوا الحق تابعا لأهوائكم، بل اجعلوا أهواءكم تبعا للحق وهو ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن ذلك الخير والبركة والصلاح والرشد:{وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ}[المؤمنون: ٧١] لو اتبع الحق أهواء الناس لصارت أمورهم فوضى، كل واحد يريد أن يستقل برأيه، ويكون متبوعا، ولكن الله تولى بيان ذلك في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}[النساء: ٥٩]
اللهم اجعلنا ممن اختاروا هداهم على هواهم، ورضوا بشريعتك، واطمأنوا بها، وانشرحت لها صدورهم، فلم يبغوا عنها حولا، ولم يرضوا بها بديلا، اللهم أرنا الحق حقا، وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلا، وارزقنا اجتنابه، اللهم حبب إلينا الإيمان، وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين، اللهم لا تجعلنا ممن زين له سوء عمله، فرآه حسنا، فأصبح من الخاسرين أعمالا، الضالين طريقا، واهدنا صراطك المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين إنك جواد كريم.