للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغيرها ولكنهم للأسف الشديد لا يزدادون بذلك إيمانا، ولا قبولا للحق، ولا انقيادا لطاعة، وربما يصرخون بأنهم لا يفعلون ما به يؤمرون، ولا يتركون ما عنه يزجرون، فيصرون على الإثم وهم يعلمون.

فسبحان الله! سبحان الله! أهذه حال من يزعم أنه مؤمن بالله واليوم الآخر، موقن بالثواب والعقاب؟ بل أهذه حال المسلم والإسلام هو الاستسلام لله ظاهرا وباطنا والانقياد لطاعته، أفيريد هؤلاء أن تكون أحكام الله وشرائعه تابعة لأغراضهم، وما يشتهون؟ أم يريدون أن يكونوا ممن قالوا: سمعنا وهم لا يسمعون، فإن شر الدواب عند الله الصم البكم الذي لا يعقلون، ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم، ولو أسمعهم لتولوا وهو معرضون. أفيرضى هؤلاء أن يشابهوا من قال الله فيهم: {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا} [النساء: ٤٦] وأن يخرجوا عن طريق المؤمنين الذين قالوا: سمعنا، وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير، أفلا يتعظ هؤلاء بقول الله تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [الحديد: ١٦] ؟

أيها الناس كثير منكم يسمعون أوامر الله ورسوله في الصلاة، وما يتعلق بها وفي الزكاة وفي الصيام وفي الحج وفي بر الوالدين وفي صلة الأرحام (الأقارب) وفي حسن الجوار وفي العدل في معاملة الناس، وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يسمعون أوامر الله تعالى في ذلك عليه، ويسمعون التوجيهات الشرعية في البيع والإجارة والنكاح والطلاق والخصومات وغيرها، ويتجاهلون كل ما يسمعون من تلك الأوامر وهذه التوجيهات، ويسيرون على ما تمليه عليه أهواؤهم، فيكونون في ذلك مما اتخذ إلهه هواه. وكثير منكم يسمعون نواهي الله ورسوله عن التهاون بشأن الصلاة والزكاة والصيام والحج، ويسمعون نهي الله ورسوله عن عقوق الوالدين وقطيعة الأرحام وإساءة الجوار في معاملة الناس بالكذب والغش وغيرها وعن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعن الربا والتحيل عليه وعن الميسر والمكاسب المحرمة بجميع وسائلها يسمعون النهي عن ذلك كله، ويتجاهلون ما يسمعون، ويتجاسرون على فعل ما عنه يزجرون متناسين بذلك عظمة من عصوه وشدة عقابه كأنهم لم يقرؤا قول الله تعالى

<<  <  ج: ص:  >  >>