وشرع للأمة أن يعود بعضهم بعضًا إذا مرض فعيادة المرضى تجلب المودة وترقق القلب وتزيد في الإيمان والثواب فمن عاد مريضًا ناداه مناد من السماء طبت وطاب ممشاك، ومن عاد أخاه المسلم لم يزل في جنى الجنة حتى يرجع وينبغي لمن عاد المريض أن لا يطيل الجلوس عنده إلا إذا كان يرغب ذلك وينبغي أن يذَكِّره بما أعد الله للصابرين من الثواب وما في المصائب من تكفير السيئات وأن لكل كربة فرجة ويفتح له باب التوبة والخروج من حقوق الناس واغتنام الوقت بالذكر والقراءة والاستغفار وغيرها مما يقرب إلى الله ويرشده إلى ما يلزمه من الوضوء إن قدر عليه أو التيمم وكيف يصلي فإن كثيرًا من المرضى يجهلون كثيرًا من أحكام الطهارة والصلاة ولا يحقرن أحدكم شيئًا من تذكير المريض وإرشاده فإن المريض قد رقت نفسه وخشع قلبه فهو إلى قبول الحق والتوجيه قريب.
وأمر بالإصلاح بين الناس {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ}[الحجرات: ١٠] وأخبر أن ذلك هو الخير {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}[النساء: ١١٤] وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «تعدل بين اثنين صدقة» . إن الإصلاح بين الناس رأب للصدع ولم للشعث وإصلاح للمجتمع كله وثواب عظيم لمن ابتغى به وجه الله إن الموفق إذا رأى بين اثنين عداوة وتباعدا سعى بينهما في إزالة تلك العداوة والتباعد حتى يكونا صديقين متقاربين.
وأمر باجتماع المسلمين على كلمة الحق والتشاور بينهم في أمورهم حتى تتم الأمور وتنجح على الوجه الأكمل فإن الآراء إذا اجتمعت مع الفهم والدراية وحسن النية تحقق الخير وزال الشر بإذن الله تعالى.
أيها المسلمون إن القاعدة الأصيلة بين المسلمين أن يسعوا في كل أمر يؤلف بين قلوبهم ويجمع كلمتهم ويوحد رأيهم وأن ينابذوا كل ما يضاد ذلك ومن أجل ذلك حرم على المسلمين أن يهجر بعضهم بعضا إلا لمصلحة شرعية وإنك لترى بعض المسلمين حريصا على الخير وجادا في فعله لكن غره الشيطان في هجر أخيه المسلم من أجل أغراض شخصية ومصلحة دنيوية ولم يعلم أن الإسلام الذي من الله به عليه أسمى وأعلى من أن تؤثر الأغراض الشخصية أو المصالح الدنيوية في الصلة بين أفراده وحرم على المسلمين أن يوقع العداوة بينهم