للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «سووا صفوفكم فإن تسوية الصف من تمام الصلاة» . متفق عليه وللبخاري من إقامة الصلاة، ولأبي داود «رصوا صفوفكم، وقاربوا بينها، وحاذوا بالأعناق» ، وله من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «أقيموا الصفوف، وحاذوا بين المناكب، وسدوا الخلل، ولينوا بأيدي إخوانكم، ولا تذروا فرجات الشيطان» يعني الفضاء بين الرجلين، فإن الشيطان يدخل فيه من بين أهل الصف، قال صلى الله عليه وسلم: «ومن وصل صفا وصله الله، ومن قطع صفا قطعه الله» . وفي الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «أقيمت الصلاة، فأقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجهه، فقال: " أقيموا صفوفكم، وتراصوا» . وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسوي صفوفنا، حتى كأنما يسوي بها القداح، حتى رآنا أنا قد عقلنا عنه، ثم خرج يوما، فقام حتى كاد يكبر، فرأى رجلا باديا صدره من الصف، فقال: عباد الله لتسون صفوفكم أو ليخالفن بين وجوهكم» . أي: بين قلوبكم كما في رواية لأبي داود، وهذا وعيد شديد على من لا يسوون الصفوف أن يخالف الله بين قلوبهم، فتختلف وجهات نظرهم، وتضيع مصالحهم بسبب اختلافهم، وعن البراء بن عازب رضي الله عنه، قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخلل الصف من ناحية إلى ناحية يمسح صدورنا، ومناكبنا، ويقول: لا تختلفوا فتختلف قلوبكم» . وقال النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسوي - يعني صفوفنا - إذا قمنا للصلاة، فإذا استوينا كبر ". رواهما أبو داود، فانظروا قوله: فإذا استوينا كبر هذه الجملة الشرطية تجدوها صريحة في أنه صلى الله عليه وسلم لا يكبر للصلاة، حتى تستوي الصفوف، ولقد أدرك ذلك الخلفاء الراشدون والأئمة المتبعون لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي الموطأ عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان يأمر بتسوية الصف، فإذا جاؤه، فأخبروه أن قد استوت كبر، وكان قد وكل رجالا بتسوية الصفوف، وقال مالك بن أبي عامر كنت مع عثمان بن عفان، فقامت الصلاة، وأنا أكلمه يعني في حاجة حتى جاء رجال كان قد وكلهم بتسوية الصفوف، فأخبروه أن الصفوف قد استوت، فقال لي: استو في الصف، ثم كبر، فهذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين لا يكبرون للصلاة حتى تستوي الصفوف، أفليس من الجدير بنا أن يكون لنا فيهم أسوة أن نأمر بتسوية الصفوف وإقامتها، وأن ننتظر، فلا نكبر للصلاة حتى نراهم قد استووا على الوجه المطلوب، وأن لا نخشى في ذلك لومة لائم، أو تضجر متضجر؟ لكن مع الأسف أن كثيرا من الأئمة فتح الله علينا

<<  <  ج: ص:  >  >>