للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في هذا الحديث أخبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن اثني عشرا أمرا يكون قبل قيام الساعة. أخبر أنه لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان دعوتهما واحدة، وفسر هذا بما جرى في زمن علي ومعاوية رضي الله عنهما حيث كان كل من الفئتين يدعو إلى ما يرى أنه الحق، فقتل منهم نحو سبعين ألفا على ما قيل. أخبر أنه لا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون يزعم كل منهم أنه نبي، وقد ظهر كثير منهم ولا رسول بعد محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ: {وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب: ٤٠]

أخبر أنه لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم والمراد به العلم الشرعي علم كتاب الله وسنة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ. وكيفية قبضه أن يقبض العلماء كما في صحيح البخاري عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤساء جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا» . أخبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه لا تقوم الساعة حتى تكثر الزلازل وهي نوعان زلازل حسية تهز الأرض، فتدمر القرى والمساكن، وزلازل معنوية تزلزل الإيمان والعقيدة والأخلاق والسلوك، حتى يضطرب الناس في عقائدهم وأخلاقهم وسلوكهم، فيعود الحليم العاقل حيران، والحديث محتمل لكل منهما وهو في الأول أظهر. أخبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: أنه لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان، فيقرب أوله من آخره وذلك بكثرة الغفلة، وفشل الأعمال والأوقات حتى يمضي الزمن الكثير وما صنع الإنسان إلا شيئا قليلا، أو أن معناه سرعة إنجاز الأمور التي لا تنجز إلا بزمان كثير كما يشاهد في وسائل النقل، ووسائل الإعلام والله أعلم بما أراد رسوله. وأخبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: أنه لا تقوم الساعة حتى تظهر الفتن، فتن الدين والدنيا أما فتن الدين فكل ما يصد عن الإيمان بالله والقيام بأمره واتباع هدي نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ من العقائد الفاسدة والأفكار الهدامة والسلوك المنحرف، والصد عن ذكر الله وعن الصلاة بالاشتغال بالشهوات واللذائذ المحرمة.

وأما فتن الدنيا فما يحصل من القتل والخوف والسلب والنهب وظهور الفتن، دليل على ضعف العلم الصحيح والإيمان الخالص والولاية العادلة. أخبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: أنه لا تقوم الساعة حتى يكثر القتل سواء كان ذلك بالحروب، أم بالاغتيالات وقد جرى ذلك. أخبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: أنه لا تقوم الساعة حتى يكثر المال، وقد كثرت الأموال وسوف تزداد حتى يهم الرجل من يقبض صدقته، وحتى يعرض الرجل المال على الرجل هبة أو صدقة، فيقول لا حاجة لي به. أخبر

<<  <  ج: ص:  >  >>