طواف العمرة، واعلموا أن جميع المساجد مكان للطواف القريب من الكعبة والبعيد لكن القرب منها أفضل، إذ لم تتأذ بالزحام، فإذا كان زحام، فأبعد عنه، والأمر واسع، ولله الحمد، فإذا فرغتم من الطواف، فصلوا ركعتين خلف مقام إبراهيم إما قريبا منه، إن تيسر، وإلا فلو بعيد المهم أن يكون المقام بينك وبين الكعبة، ثم اخرجوا لسعي العمرة، وابدأوا بالصفا، فإذا أكملتم الأشواط السبعة، فقصروا من رؤوسكم من جميع الرأس، ولا يجزئ التقصير من جانب واحد لا تغتروا بفعل الكثير من الناس، فإذا كان اليوم الثامن من ذي الحجة، فاغتسلوا، وتطيبوا، وأحرموا بالحج من مكان نزولكم، واخرجوا إلى منى، وصلوا بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والفجر قصرا من غير جمع؛ لأن نبيكم صلى الله عليه وسلم كان يقصر بمنى، وفي مكة، ولا يجمع، فإذا طلعت الشمس يوم عرفة، فسيروا ملبين خاشعين لله إلى عرفة، واجمعوا فيها بين الظهر والعصر جمع تقديم على ركعتين، ثم تفرغوا للدعاء، والابتهال إلى الله، واحرصوا أن تكونوا على طهارة، واستقبلوا القبلة، ولو كان الجبل خلفكم؛ لأن المشروع إستقبال القبلة، وانتبهوا جيدا لحدود عرفة وعلاماتها، فإن كثيرا من الحجاج يقفون دونها، ومن لم يقف بعرفة، فلا حج له لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«الحج عرفة» . وكل عرفة موقف شرقيها وغربيها وجنوبيها وشماليها، إلا بطن الوادي وادي عرنة لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«وقفت ها هنا وعرفة كلها موقف» . فإذا غربت الشمس، وتحققتم غروبها، فادفعوا إلى مزدلفة ملبين خاشعين، والزموا السكينة ما أمكنكم كما أمركم بذلك نبيكم صلى الله عليه وسلم، فلقد دفع من عرفة، وقد شنق لناقته الزمام، حتى أن رأسها ليصيب مورك رحله، وهو يقول بيده الكريمة:«أيها الناس السكينة السكينة» . فإذا وصلتم مزدلفة، فصلوا بها المغرب والعشاء، ثم بيتوا بها إلى الفجر، ولم يرخص النبي صلى الله عليه وسلم لأحد في الدفع من مزدلفة قبل الفجر إلا للضعفة رخص لهم أن يدفعوا في آخر الليل، فإذا صليتم الفجر، فاتجهوا إلى القبلة، وكبروا الله، واحمدوه، وادعوه حتى تسفروا جدا، ثم سيروا قبل طلوع الشمس إلى منى، ثم القطوا سبع حصيات، واذهبوا إلى جمرة العقبة، وهي الأخيرة التي تلي مكة، وارموها بعد طلوع الشمس بسبع تكبرون الله مع كل حصاة خاضعين له معظمين، واعلموا أن المقصود من الرمي تعظيم الله، وإقامة ذكره، ويجب أن تقع الحصاة في الحوض، وليس بشرط أن تضرب العمود، فإذا فرغتم من رمي الجمرة، فاذبحوا الهدي، ولا يجزئ في الهدي إلا ما يجزئ في الأضحية، ولا بأس أن توكل شخصا يذبح