للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ - ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الأنفال: ١٢ - ١٣] فقيض الله لرسوله صلى الله عليه وسلم وأصحابه من أسباب النصر ما به انتصروا، ولأعدائه وحربه كسروا، فقتلوا من صناديد قريش وفريقا أسروا، ورجع فل قريش مهزومين موتورين خائبين، فلله الحمد رب السماوات والأرض رب العالمين.

وفي هذا الشهر المبارك فتح الله مكة البلد الأمين على يد خليله ونبيه محمد أفضل النبيين، وطهرها من الأصنام والمشركين، وذلك هو الفتح الذي استبشر به أهل السماء، وضربت أطناب عزه على مناكب الجوزاء، ودخل به الناس في دين الله أفواجا، وأشرق به وجه الأرض ضياء وابتهاجا، فإن النبي صلى الله عليه وسلم خرج في عشرة آلاف من أصحابه لعشر مضين من رمضان في السنة الثامنة من الهجرة يريد غزو قريش حين نقضوا صلح الحديبية، فدخل مكة مؤزرا منصورا على إحدى مجنبتيه حواريه الزبير بن العوام، وعلى الآخرى سيف الله خالد بن الوليد، فدخلها رسول الله صلى الله عليه وسلم خاضعا لربه مطأطئا رأسه تواضعا، وتعظيما لله رب العالمين، وركزت رايته بالحجون، ثم نهض وأصحابه المهاجرون والأنصار بين يديه، وخلفه، وعن يمينه، وشماله رضي الله عنهم، فطاف بالبيت، وكان على البيت وحوله ثلثمائة وستون صنما، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يطعنها بقوس في يده، ويقول: " جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا". فلما أكمل طوافه دخل الكعبة، فرأى فيها الصور، فأمر بها، فمحيت، ثم أخذ بباب الكعبة وقريش تحته ينتظرون ماذا يصنع، ثم قال: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ثم قال: يا معشر قريش ما ترون أني فاعل بكم؟ قالوا: خيرا أخ كريم، وابن أخ كريم، قال: فإني أقول لكم: كما قال يوسف لإخوته: لا تثريب عليكم اليوم، اذهبوا فأنتم الطلقاء» .

وفي هذا الشهر المبارك أنعم الله على عباده بفرض الصيام، وجعله أحد أركان الإسلام، وجعل ثواب من صامه إيمانا وإحتسابا أن يكفر عنه ما تقدم من الآثام.

وفي هذا الشهر المبارك أنعم الله على العباد بمشروعية القيام، فمن قامه إيمانا وإحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة. وفي هذا الشهر

<<  <  ج: ص:  >  >>