جميع ليالي العشر من التهجد والقراءة والإحسان، وليتبين بذلك النشيط في طلب الخيرات من الكسلان، فإن الناس لو علموا عينها لاقتصر أكثرهم على قيام تلك الليلة دون ما سواها. ولو علموا عينها ما حصل كمال الامتحان في علو الهمة وأدناها، فاطلبوها رحمكم الله بجد وإخلاص، واسألوا الله فيها الغنيمة من البر والخيرات والسلامة من الافلاس، فإذا مررتم بآية رحمة، فاسألوا الله من فضله، وإذا مررتم بآية وعيد، فتعوذوا بالله من عذابه، وأكثروا في ركوعكم من تعظيم ذي العظمة والجلال، وأما السجود، فاجتهدوا فيه بعد التسبيح بالدعاء بما تحبون، فإن أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، ويجوز للإنسان أن يدعو لنفسه ولوالديه وذريته وأقاربه ومن أحب من المسلمين، وأطيلوا القيام بعد الركوع والجلوس بين السجدتين لتتناسب أركان الصلاة من القيام والركوع والجلوس والسجود والقيام بعد الركوع محل حمد وثناء، فأكثروا فيه الحمد والثناء والجلوس بين السجدتين محل دعاء بالمغفرة والرحمة، فأكثروا فيه من الدعاء، وافتتحوا قيام الليل بركعتين خفيفتين؛ لأن الشيطان يعقد على قافية العبد إذا نام ثلاث عقد، فإذا قام، وذكر الله انحلت عقدة، فإذا تطهر انحلت الثانية، ثم إذا صلى انحلت الثالثة، ولكن إذا جاء أحدكم المسجد، وقد أقام الإمام، فليدخل معه، ولو لم يفتتح القيام بركعتين خفيفتين؛ لأن متابعة الإمام أهم، وهنا أمر ينبغي التفطن له، وهو أن بعض الناس يجعل فرجة في الصف للمؤذن أو القارئ بعد الشروع في الصلاة، وهذا خلاف المشروع، فإن المشروع سد فرج الصفوف والمراصة إذا شرعت الصلاة، فإذا جاء المؤذن أو القاريء دخل حيث ينتهي به الصف. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تعالى في فضل ليلة القدر:{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ - وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ - لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ - تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ - سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}[القدر: ١ - ٥]