للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الحجة الثانية وهي أن هذا من بيت المال الذي لعموم المسلمين فهذا مما يؤكد ويحتم على الموظف أن يقوم بوظيفته أكثر وأكثر، فإن الحق إذن يكون لعموم المسلمين وكل واحد منهم يطلبك أن تقوم بوظيفتك لأنك تأخذ راتبك من بيت مالهم بإقرارك على نفسك، ولو كان الحق لشخص خاص لكان أهون، والمقصود أن هذه الحجة التي ربما يتعلل بها من يفرط بواجب وظيفته ليست حجة صحيحة. ويمتاز المدرس بين الموظفين بأهمية المسؤولية والأمانة الملقاة على عاتقه، فالمدرس معلم وموجه فهو مغذي الروح وطبيبها، فعليه أن يتحرى أسهل الأساليب وأقرب الطرق إلى إيصال المعلومات إلى أذهان الطلبة، وأن لا يضيع شيئا من الحصة فيما لا خير فيه للطلبة، وعليه أيضا أن يوجههم إلى ما فيه صلاح دينهم ودنياهم بقدر ما يستطيع، فإن من المعروف أن الطالب يقتدي بمعلمه ويأخذ بقوله أكثر مما يأخذ من أبيه وأهله، فعلى المدرس أن يأخذ هذه الميزة بعين الاعتيار وأن يخلص لله تعالى في تعليمه وتوجيهه، ويعامل الطلبة بالعدل مسويا بين القريب والبعيد والشريف والوضيع.

أيها المسلمون: إن على الأب وعلى ولي البيت أمانة لازمة له هي تربية أولاده وأهله، وتقويم أخلاقهم وتعويدهم على فعل الخير وترك الشر، والقيام بحقوقهم التي أوجب الله عليه رعايتها، وإن على البائع والمشتري أمانة يجب عليهما أداؤها، هذه الأمانة هي الصدق والبيان فلا يكذب فيذكر في السلعة وصفا غير موجود فيها ولا يتكتم فيخفي عيبا موجودا. إن على أهل الحرفة من البنائين والنجارين والصناع وغيرهم أن يؤدوا الأمانة بالإخلاص في عملهم وأن يؤدوه كاملا كما يطلبون حقهم كاملا. أيها المسلمون، إن القول العام في الأمانة أن تؤدي ما عليك على الوجه الذي يطلب منك من غير تقصير ولا مجاوزة، فمن قام بأمانته فقد ربح ومن فرط فيها فقد خاب وخسر. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم قال الله تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا - لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الأحزاب: ٧٢ - ٧٣]

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. . . إلخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>