للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلمون إنني أحب أن أتعرض في خطبتي هذه لموضوع لم يسبق أن تعرضنا له وأطبقه على ضوء هذه النصوص وهو ما كان يعتاده بعض الناس من الوصية بوقف شيء من ماله وتخصيصه بأولاده وذريته من بين سائر الورثة، نريد أن نطبق هذا العمل على النصوص الشرعية فننظر في حكمه ثم ننظر في فوائده الاجتماعية هل فيه فائدة للموقوف عليهم أو هو إلى الضرر والمفاسد أقرب؟ فبالنظر إلى النصوص الشرعية لا شك أن الوصية بوقف شيء من المال على بعض الورثة داخل في قوله صلى الله عليه وسلم «لا وصية لوارث» ، فإذا كان لا يجوز أن يوصي لبعض الورثة بسكنى شيء أو استثمار شيء من عقاره لمدة سنة، فكيف يجوز أن يوصي له بما يقتضي سكنى الدار واستثمار العقار دائما وأبدا، وإذا كان الله تعالى قد فرض للورثة ومن جملتهم أولادك الذين خصصتهم بالوصية بالوقف عليهم، إذا كان الله تعالى قد فرض لكل وارث حقه ونصيبه فكيف يجوز أن توصي لأولادك بوقف شيء من مالك عليهم؟ ألم يكن هذا تعديا لحدود الله واقتطاعا من حق بعض الورثة لورثة آخرين؟ وهذا معناه الجور في الوصية والمضارة للورثة إذا. فإذا قال الإنسان أوصيت بثلثي أو ببيتي أو بعقاري يكون وقفا على أولادي، وله ورثة غير الأولاد، فهذه وصية لوارث وتعد لحدود الله فيكون حراما. قال شيخنا عبد الرحمن السعدي: لا يحل لأحد أن يوقف وقفا يتضمن المحرم، والظلم بأن يكون وقفه مشتملا على تخصيص أحد الورثة دون الآخرين، ثم قال: فإن العبد ليس له أن يتصرف في ماله بمقتضى شهوته النفسية وهواه، بل عليه أن لا يخالف الشرع ولا يخرج عن العدل، هذا كلامه في كتاب المختارات الجلية. وقال في كتاب آخر كتاب الإرشاد: أن أعظم مقاصد الوقف أن يكون معينا على البر والتقوى فيعلم من هذا أن الأوقاف التي يقصد بها حرمان بعض الورثة منافية لمقصود الوقف كل المنافاة، وأن وقف ثلث مال الإنسان على بعض ورثته مخالف لهذا الشرط ومناف لما انعقد عليه الإجماع من أن لا وصية لوارث. انتهى.

إذن، فهذا العمل من الناحية الشرعية حرام ومعصية لله ورسوله وتعد لحدوده، ويبقى النظر إليه من الناحية الاجتماعية ففيه مضار: ١ - الظلم والجور، وضرر الظلم والجور ليس على فاعله فحسب بل على جميع الناس. ٢ - حرمان الورثة الخارجين من هذا الوقف من حقهم الثابت في التركة. ٣ - إلقاء العداوة بين الموقوف عليهم فكم حصل بين الذرية من

<<  <  ج: ص:  >  >>