للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدين كله والأعمال كلها، فمن أدى الأمانة على الوجه المطلوب فهو من المفلحين ومن خانها أو تهاون فيها كان من الخاسرين.

أيها المسلمون، إن بين أيديكم أوقافا أنتم الأمناء عليها فأدوا الأمانة فيها وراعوا فيها حقوق المستحقين من بعدكم، فإن لهم حقوقا فيها كما لكم فيها حقوق، فليست الأوقاف لكم تتصرفون فيها كما تحبون وإنما هي أمانة بين أيديكم تنفذونها بحسب شروط الموقفين.

أيها المسلمون، إني أحب أن أبين لكم في خطبتي هذه أمرين من أمور الوقف:

أحدهما في الناظر على الوقف، والثاني في التصرف في الوقف. أما الأمر الأول وهو الناظر، فإن كان الموقف قد عين ناظرا بشخصه أو بوصفه فالنظر لمن عينه، وإن كان الموقف لم يعين ناظرا لا بشخصه ولا بوصفه فإنه إن كان الوقف على جهة عامة كالوقف على الفقراء وعلى المساجد ونحوها فالنظر للحاكم، وإن كان الوقف على معين كالأولاد ونحوهم كان النظر للموقوف عليهم جميعا. ألا وإن من الجهة العامة وقف أماكن الوضوء والاغتسال التي تسمونها الحساوة، فإذا أوقف الإنسان حسوا للمسلمين ولم يذكر له ناظرا معينا كان الناظر عليه الحاكم الشرعي لأن الوقف للمسلمين والحاكم نائبهم، وعلى هذا فالآبار السبل التي في الأسواق ولم يذكر الواقف لها ناظرا فإنه يتولاها القاضي دون غيره. وقد سمعنا أن بعض الناس لما غارت ماء بئر الحسو السبيل سده ولم يعرف كيف يتصرف فيه، والواجب عليه إذا تعطلت منافعه ولم يمكن إصلاحه أن يبيعه أو يصبره ويصرف العوض في نفع عام بعد مراجعة القاضي.

أما الأمر الثاني الذي أريد بيانه فهو التصرف في الوقف. فالوقف إذا تم لا يجوز بيعه ولا التصرف فيه إلا على الوجه الذي شرطه الموقف، ما لم يكن في ذلك مصلحة شرعية أنفع مما عينه الموقف، فإنه يسأل أهل العلم أو القاضي ويعمل بما يقولون، إلا أنه إذا تعطلت مصالح الوقف وصار لا ينتفع به لا بسكنى ولا بإجارة فإنه يجوز بيعه أو تصبيره ويشتري بعوضه إن بيع ما يكون بدلا عنه.

أيها المسلمون، لقد سمعنا أن بعض الناس بدؤوا يصبرون الأوقاف من دور أو دكاكين مع أنها لم تتعطل منافعها ويمكن إجارتها بدراهم تكفي ما عين فيها من تنافيذ، وهذا غلط منهم

<<  <  ج: ص:  >  >>