للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعجز عن تغييره فليبلغه إلى المسئولين، فإذا بلغه إليهم برئت ذمته، وإلا فسوف يعاقبه الله على ذلك يوم الدين. لن يمنعكم من عذاب الله أن تقولوا أن في البلد نوابا ولا علينا من أحد لأن إبلاغ أولي الأمر بأصحاب المنكر أمر لا يعذر بتركه أحد منكم، إذا تساعدتم على قيام هذا الدين فزتم في الدنيا والآخرة. والله إن المتكلم بكلمة الله تعالى لمرموق بالأبصار ولمحترم وموقر ومعتبر كلامه أيما اعتبار، لكن ذلك قد لا يتم لأول مرة فقد يجد في أول مرة نكبات ومعارضات واحتقار، لكن إذا صبر وثابر فسوف تكون العاقبة للحق، وللباطل وأهله الزوال والبوار. أما كان المشركون يستهزئون بالنبي صلى الله عليه وسلم ويسخرون به ويغرون به سفهاءهم، أما وضعوا عليه احتقارا وهو ساجد لربه سلا الجزور، ومع ذلك فقد صبر وباع نفسه لله حتى أظهره الله عليهم ولله عاقبة الأمور. إخواني: إن الحق مر على النفوس وشديد ولكن عقباه السرور والحلاوة والعيش الرغيد. إخواني: إنه ليجب على المسئولين أكثر مما يجب على غيرهم، إن عليهم أن يتركوا الدعة والسكون والهوان وأن يجتمعوا جميعا على الحق وإصلاح الأمور والنهوض بأمتهم في الأمور الدينية والدنيوية وإزالة الشر والطغيان، فإن ترك الفساد يفشو ويزيد سبب لهلاك الأمة وفساد المجتمع والدمار والتنكيد. إخواني: إذا لم يقم المسئولون بإصلاح الأمور فمن الذي يقوم؟ وإذا لم يتكاتفوا على إصلاح ما يحصل من فساد فمن ذا الذي لإصلاحه يروم؟ وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن من كان قبلكم كانوا إذا عمل فيهم العامل بالخطيئة جاءه الناهي تعذيرا فقال: يا هذا اتق الله، فإذا كان من الغد جالسه وواكله وشاربه كأنه لم يره على خطيئة بالأمس، فلما رأى الله ذلك منهم ضرب بقلوب بعضهم على بعض ثم لعنهم على لسان نبيهم داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون، والذي نفس محمد بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد السفيه ولتأطرنه على الحق أطرا أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض ثم يلعنكم كما لعنهم» . ولما فتح المسلمون - رضي الله عنهم - إحدى الجزائر فرق أهلها فبكى بعضهم إلى بعض، فرأى جبير بن نفير أبا الدرداء وحده يبكي فقال له: ما يبكيك في يوم أعز الله فيه الإسلام وأهله؟ فقال: ويحك ما أهون الخلق على الله عز وجل إذا هم

<<  <  ج: ص:  >  >>