لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تجعله في فم امرأتك» .
أيها الإخوان: إن بعض الناس يقصر أو يتثاقل في الإنفاق على أهله شحا وبخلا، والشح والبخل من أوامر الشيطان {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[الحشر: ٩] ولكن متى علم المؤمن أن الإنفاق على نفسه وأهله ليس بغرم وإنما هو مكسب وغنيمة، فالإنفاق فيما أمر الله به غنيمة لأنه زيادة في الإيمان وسبب لبركة المال ونموه وسبب للأجر المدخر عند الله، أما الإمساك عما أمر الله به فهو نقص في الإيمان وسبب لمحق بركة المال ونقصه ولعقوبة الله ومقته، ثم أن الممسك البخيل إن فاته المال ونزع منه في الدنيا فقد حرم خير الدنيا والآخرة، وإن بقي حتى مات صار لغيره غنمه وعليه غرمه وإثمه.
ألا وإن من إنفاق المال في طاعة الله أن تنفقه في الإحسان إلى القرابات الذين لا تجب عليك نفقتهم، إما لكون مالك لا يتحمل الإنفاق أو لغير ذلك، فهديتك على غنيهم هدية وصلة، وصدقتك على فقيرهم صدقة وصلة. وإن بعض الناس في هذه الناحية يقصر ويفرط، فتجده يقتصر على الإحسان إلى القرابة الذين يتبادلون معه الصلة وهذا في الحقيقة ليس بصلة، وإنما هي مكافأة للصلة أو مجلبة لها، فالواصل حقيقة هو الذي يصل من قطعه ويعطي من حرمه. وأبواب إنفاق المال في الخير كثيرة، وكلما كان الإنفاق أنفع لعمومه أو شدة الحاجة إليه أو جلبه لمصالح أخرى كان أفضل وأجدى، وكل نفقة تبتغي بها وجه الله فأنت مأجور عليها لدخولها في الإحسان. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم قال الله تعالى:{وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}[البقرة: ١٩٥]