للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد بين الله تعالى فضله علينا في ذلك حيث يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ - قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ - وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [القصص: ٧١ - ٧٣]

واختلاف الليل والنهار يكون بسبب دوران الشمس على الأرض فإن الله سخر لنا الشمس والقمر دائبين وجعلهما آيتين من آيات الله الدالة على كمال قدرته وسعة رحمته فمنذ خلقهما الله تعالى وهما يسيران في فلكيهما على حسب أمر الله لا يرتفعان عنه صعودا ولا ينحدران عنه نزولا ولا يميلان يمينا ولا شمالا وقدرهما منازل لتعلموا عدد السنين والحساب فباختلاف منازل القمر تختلف الأهلة والشهور وباختلاف منازل الشمس تحتلف الفصول فإذا حلت الشمس آخر البروج الشمالية انتهى النهار في الطول ودخل فصل القيظ ثم ترجع شيئا فشيئا حتى ترجع إلى البروج اليمانية فإذا حلت آخر برج منها انتهى الليل في الطول ودخل فصل الشتاء وفي اختلاف الفصول من المصالح وتنوع الأقوات ما يعرف به قدر نعمة الله ورحمته وحكمته.

وهكذا تسير الشمس والقمر في فلكيهما في انتظام باهر وسير محكم كل يجري إلى أجل مسمى إلى أن يأذن الله بخراب هذا العالم فتخرج الشمس من مغربها كما في صحيح البخاري عن أبي ذر رضي الله عنه قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث غربت الشمس: أتدري أين تذهب قلت: الله ورسوله أعلم قال: فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش فتستأذن فيؤذن لها وتوشك أن تسجد فلا يقبل منها وتستأذن فلا يؤذن لها يقال لها ارجعي من حيث جئت فتطلع من مغربها» . وفي هذا الحديث دليل ظاهر على أن الشمس تسير بنفسها كما يدل على ذلك قوله تعالى: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا} [يس: ٣٨] قوله: {كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [لقمان: ٢٩] وقوله: {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [يس: ٤٠] فهذه الأدلة تكذب ما يقال من أن الشمس ثابتة لا تدور وتدل على أنه قول باطل يجب رده وتكذيبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>