للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القوم فلما فرغت أصابني البرد فألبسني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من فضل عباءة كان يصلي فيها فلم أزل نائما حتى أصبحت فلما أصبحت قال النبي -صلى الله عليه وسلم- قم يا نومان ثم تفرق الأحزاب خائبين خاسرين كما قال الله عز وجل {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا} [الأحزاب: ٢٥] وحينئذ قال النبي -صلى الله عليه وسلم- الآن نغزوهم ولا يغزوننا نحن نسير إليهم.»

أما يهود بني قريظة الذين نقضوا العهد الذي بينهم وبين النبي -صلى الله عليه وسلم- وهم آخر قبائل اليهود في المدينة فخرج إليهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد رجوعه فورا وحاصرهم نحو عشرين ليلة حتى نزلوا على حكم النبي -صلى الله عليه وسلم- فحكم فيهم النبي -صلى الله عليه وسلم- سيد الأوس سعد بن معاذ -رضي الله عنه- فقال -رضي الله عنه- أحكم فيهم أن تقتل مقاتلتهم وتسبى نساؤهم وذريتهم وتقسم أموالهم فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة فجيء بالمقاتلة مكتفين فضربت أعناقهم وكانوا بين السبعمائة والثمانمائة وسبيت نساؤهم وذريتهم وغنمت أموالهم كمال قال تعالى فيهم: {وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ} [الأحزاب: ٢٦]- أي من حصونهم - {وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا - وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا} [الأحزاب: ٢٦ - ٢٧]

هذا مثال لنصر الله تعالى للمؤمنين في الدفاع والخلاص مما لا طاقة لهم به.

أما نصره إياهم في الطلب والغلبة فقد ذكر المؤرخون أن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- الذي فتح الله تعالى على يديه أكثر بلاد فارس وقال فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- اللهم أجب دعوته وسدد رميته لما تابع الفرس يفتح بلادهم بلدا بلدا فوصلوا إلى نهر دجلة عبروها إلى عاصمتهم المدائن ولم يتركوا للمسلمين جسورا ولا سفنا فلما وصل سعد إلى النهر بعساكر الإيمان أخبرهم أنه عازم على العبور إلى الفرس على ظهر الماء فاقتحم بفرسه النهر وهو يجري ويقذف بالزبد واقتحم الناس معه ولم يتخلف أحد منهم فجعلت خيولهم تعوم بهم في الماء وهم يتحدثون على ظهورها كأنما تمشي على ظهر الأرض فإذا تعب فرس أحد منهم قيض الله له مثل الصخرة الكبيرة يقف عليها ليستريح حتى عبروا النهر فلما رآهم الفرس ولوا هاربين وتركوا بلادهم وأموالهم غنيمة للمسلمين وتحقق قول الله تعالى: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} [الأنبياء: ١٠٥] ولما وصل خمس الغنمية إلى عمر رضي الله

<<  <  ج: ص:  >  >>