للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بذلك أمر الله عز وجل {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ} [الأنفال: ٦٠] معتمدين في ذلك على الله عز وجل: {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران: ١٥٩] مؤمنين بقول من بيده ملكوت السماوات والأرض وهو يجير ولا يجار عليه: {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [آل عمران: ١٦٠]

ولهذا أتم لهم النصر في مواطن تزيغ فيها الأبصار وتنحسر الأفكار وتنقطع الحيل وإني ضارب لكم في ذلك مثلين أحدهما نصر في الدفاع والخلاص والثاني نصر في الطلب والغلبة.

أما الأول ففي غزوة الأحزاب حين تألب الأحزاب من قريش ومن مالأهم من كفار العرب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحاصروا المدينة في نحو عشرة آلاف مقاتل ونقضت يهود بني قريظة العهد الذي بينهم وبين النبي -صلى الله عليه وسلم- فكان الأعداء على المدينة كما وصفهم الله تعالى: {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا - هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا} [الأحزاب: ١٠ - ١١] وحاصروا النبي -صلى الله عليه وسلم- والمؤمنين قرابة شهر وأصاب المسلمين من الجوع والتعب والبرد ما كان من أعظم الابتلاء فدعا عليهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال اللهم منزل الكتاب سريع الحساب اهزم الأحزاب اللهم اهزمهم وزلزلهم ثم أرسل الله تعالى عليهم ريحا شرقية باردة شديدة لم تبق لهم خيمة ولا نارا ولا قرارا «قال حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- لقد رأيتنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غزوة الخندق فصلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هويا من الليل في ليلة ذات ريح شديدة وقر يعني بردا فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- ألا رجل يأتي بخبر القوم يكون معي يوم القيامة فلم يتقدم أحد من شدة البرد والجوع والخوف، أعادها -صلى الله عليه وسلم- الثانية والثالثة ثم قال يا حذيفة قم فآئتنا بخبر القوم فلم يكن لي بد من القيام حين دعاني باسمي فقال يا حذيفة اذهب فآئتنا بخبر القوم ولا تحدثن شيئا حتى تأتينا قال فمضيت كأنما أمشي في حمام أي في جو دافئ هادئ لا برد ولا ريح فدخلت في القوم والريح وجنود الله تعالى تفعل بهم ما تفعل لا تقر لهم قرارا ولا تبقي خيمة ولا نارا فإذا أبو سفيان - وكان يومئذ كافرا - يصلي ظهره بالنار فأردت أن أرميه ولو رميته لأصبته فذكرت قول النبي -صلى الله عليه وسلم- قال فرجعت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وأنا أمشي في مثل الحمام يعني في جود دافئ هادئ فأخبرته بخبر

<<  <  ج: ص:  >  >>