بالمعروف، وتناهوا عن المنكر، واجتمعوا على ذلك، وأصلحوا أنفسكم وأهليكم وجيرانكم، واعلموا أنه ما اجتمع قوم على حق بنية خالصة وعمل صالح، إلا كلل اجتماعهم بالنجاح، وحصلوا على مقصودهم، ولن يتخلف النجاح عنهم إلا لأحد أمرين، إما نقص في إخلاصهم بأن يكون لأحدهم غرض غير ما اجتمعوا عليه، إما لخلل في عملهم بأن لم يسلكوا الطرق الموصلة إلى المقصود على وجه صحيح. ولو تأملتم ذلك لوجدتموه ظاهرا في كل عمل تقومون به إذا اجتمعم عليه، وأحسنتم النية، وسلكتم طريق الحكمة في الوصول إلى مقصودكم كانت النتيجة حصول المقصود على الوجه المطلوب بل ربما تكون النتيجة على وجه أفضل مما يتوقع.
إذن فالواجب أن يكون المسلمون يدا واحدة وصفا واحدا وقلبا واحدا فيما فيه خيرهم وصلاحهم واستقامة دينهم ودنياهم، فبذلك يصلون إلى عزهم الذي كتب الله لهم:{وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ - الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ}[الحج: ٤٠ - ٤١]
فشدوا أيها المسلمون أيديكم بعضها ببعض، وكونوا كما وصفكم نبيكم بالبنيان يشد بعضه بعضا، وشبك بين أصابعه. خذوا على أيدي السفهاء، واطروهم على الحق أطرا، واعلموا أنكم بذلك لهم راحمون، وإليهم محسنون؛ لأن رحمة الخلق الحقيقية، والإحسان الحقيقي إليهم هو أن تمنعهم مما يضرهم، وأن ترشدهم إلى ما فيه خيرهم واستقامة دينهم وباستقامة الدين تستقيم الدنيا والدين.
واعلموا أنه ما قام أحد بأمر يريد به ثواب الله وإصلاح عباد الله، إلا أعطاه الله ما تمناه عليه من الثواب سواء حصل إصلاح الغير أم لم يحصل، إذن فالأجدر بنا أن لا نتوانى، وأن لا نكسل في العمل على ما يصلح العباد والبلاد راجين بذلك ثواب الله قاصدين به إصلاح عباد الله؛ لأننا إذا سلكنا ذلك فنحن بحول الله رابحون، ومن عذابه وعقابه ناجون إن شاء الله.
وفقنا الله وإياكم للعمل بما فيه صلاحنا وصلاح أمتنا، وجعلنا وإياكم ممن غنموا أوقاتهم، واكتسبوها، واستهلكوها في طاعة الله، وعمروها، وأعاذنا وإياكم من الخيبة والخسران، وجنبنا الإثم والفسوق والعصيان. أقول قولي هذا، وأستغفر الله. . . الخ.