للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا تدع تمثالا إلا طمسته، ولا صورة إلا طمستها، ولا قبرا مشرفا إلا سويته» . ومن المحرم أيضا ما يحرم على الرجال خاصة، وهو لبس ما نزل عن الكعبين من سروايل أو قميص أو مشلح أو غيرها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أسفل من الكعبين من إزار ففي النار» . رواه البخاري. وقال ابن عمر رضي الله عنهما ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإزار فهو في القميص، فلا يحل للرجل أن ينزل شيئا من ثيابه أسفل من الكعبين؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم توعد على ذلك بالنار، ولا وعيد إلا على فعل محرم. ولقد ظن بعض الناس أن هذا الحديث فيمن نزل ثيابه خيلاء. والخيلاء أن يتخيل الشخص لنفسه منزلة عالية، فيتعاظم في نفسه، ويعجب بها ظن أن هذا الحديث، فيمن نزل ثيابه خيلاء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم: «قال من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه» . فاراد أن يحمل ذاك المطلق على هذا القيد، ولكن هذا ليس بصحيح، فإن الوعيد فيهما مختلف وسببه مختلف، الوعيد فيمن جر ثوبه خيلاء أن الله لا ينظر إليه، والوعيد فيمن نزل ثوبه عن كعبيه أن ما نزل في النار، فالعقوبة جزئية، والعقوبة الأولى، أن الله لا ينظر إليه، وهو أعظم من تعذيب جزء من بدنه بالنار، وأما السبب فمختلف أيضا، فأحدهما أنزله إلى أسفل من الكعبين، والثاني جره خيلاء، وهذا أعظم، ولذلك كانت عقوبته أعظم. وقد قال علماء أصول الفقه: إنه إذا اختلف السبب والحكم في الدليلين لم يحمل أحدهما على الآخر. فلا يحل للرجل أن ينزل شيئا من ثيابه تحت الكعبين سواء كان ذلك سراويل أم قميصا أم مشلحا أم غيرها، فإن فعل فعقوبته أن يعذب موضع النازل بالنار، ولا يحل له أن يجر شيئا من ذلك خيلاء، فإن فعل فعقوبته أن لا ينظر الله إليه بل في صحيح مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم، قالها ثلاثا، فقال أبو ذر: خابوا وخسروا من هم يا رسول الله؟ قال المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب» . ودخل شاب من الأنصار على عمر بن الخطاب رضي الله عنه يثني عليه مع الناس حين طعن رضي الله عنه، فلما أدبره إذا إزاره يمس الأرض، فقال: ردوا علي الغلام، فردوه عليه، فقال يا ابن أخي ارفع ثوبك، فإنه أبقى لثوبك، وأتقى لربك. فائدتان في رفع الثوب ينبه عليهما أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه بقاء الثوب، حيث لا تتلف الأرض أسفله. وتقوى الله عز وجل {وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ} [الأعراف: ٢٦] قد يقول متهور: أنا لا أبالي إذا أتلف أسفل ثوبي وجوابنا

<<  <  ج: ص:  >  >>