للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا الولد ولا الأهل ولا المال لأن كل هذا يزول وتبقى عبادته {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا} [الكهف: ٤٦] ولقد فرط كثير من الخلق في عبادة الله فمنهم من عبد الأوثان ومنهم من عبد الجاه ومنهم من عبد المال كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم تعس عبد الخميصة تعس عبد الخميلة» . أفرط كثير من الناس في محبة الدنيا فشغلته عن طاعة الله وصارت أكبر همه ومبلغ علمه شغلت قلبه عند منامه وشغلت قلبه في يقظته وشغلت قلبه عند أكله وشربه وفي ممشاه ومجلسه وحتى في عبادته وصلاته قلبه مشغول بها يسعى لها بكل طريق ويحتال لتحصيلها بكل وجه وهذا الانشغال التام سوف يؤثر على عبادة الله ويصرف القلب عن الاتجاه إليه ولم يذكر الله حقوق الرسل في هذه الآية لأن حقوقهم من حقوق الله حيث إنهم رسله القائمون بإبلاغ وحيه ودينه إلى الخلق وبعد ذلك ذكر الله حقوق الوالدين لأن حقهما عليك أعظم حقوق القرابة لأن لهما عليك من الفضل والإحسان ما ليس لغيرهما من القيام بالمؤونة والتربية والتعب الجسمي والفكري من أجل راحتك كما قال تعالى: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّي ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء: ٢٤] إنهما يسهران لتنام ويتعبان لتستريح ويجوعان لتشبع ولن يعرف قدر الوالدين إلا من رزق الأولاد. «جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني أشتهي الجهاد ولا أقدر عليه قال هل بقي من والديك أحد قال أمي قال قابل الله في برها فإذا فعلت ذلك فأنت حاج ومعتمر ومجاهد» . «وجاءه آخر يستشيره في الجهاد فقال النبي صلى الله وعليه وسلم: ألك والدان قال: نعم قال: الزمهما فإن الجنة تحت أرجلهما» . وكلما يكون بر الوالدين في الحياة يكون أيضًا بعد الممات فقد «جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما قال: نعم الصلاة عليهما والاستغفار لهما وإنفاذ عهدهما من بعدهما وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما وإكرام صديقهما» . وبعد حقوق الوالدين حقوق الأقارب من جهة الأب أو من جهة الأم. قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه» . ومن الحقوق حقوق اليتامى وهم الذين مات آباؤهم قبل بلوغهم فانكسرت قلوبهم بفقد القائم عليهم الموجه لهم فكان من محاسن الإسلام الأمر بالإحسان إليهم بالقول والفعل حتى يجبر ما بهم من النقص حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم أنا وكافل اليتيم في الجنة

<<  <  ج: ص:  >  >>