للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابًا» . كثير من الناس يظنون ظنونًا كاذبةً فيشيعها في الناس من غير مبالاة بها وربما كانت تسيء إلى أحد من المسلمين وتشوه سمعته وليس لها حقيقة فيبوء بإثم الكذب وإثم العدوان على أخيه المسلم ويخشى أن يكون ممن قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم أن الرجل يتكلم بالكلمة لا يرى بها بأسًا يهوي بها سبعين خريفًا في النار. وفي صحيح البخاري عن سمرة بن جندب «في رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم وأتاه ملَكان فمروا على رجل مستلق على قفاه وآخر قائم عليه بكلوب من حديد فإذا هو يأتي أحد شقي وجهه فيشرشر شدقه ومنخره وعينيه إلى قفاه ثم يفعل بالشق الآخر كذلك فما يفرغ منه حتى يعود الجانب الأول ضحيحًا فيرجع إليه فيشرشره كما فعل في المرة الأولى فقال الملَكان للنبي صلى الله عليه وسلم هذا كذاب يكذب الكذبة فتحمل عنه حتى تبلغ الآفاق فيصنع به هكذا إلى يوم القيامة» .

هؤلاء الذين ينقلون للناس ما يفكرون به من أوهام لا حقيقة لها ربما يكون في كلامهم إلقاءً للعداوة والبغضاء بين المسلمين فيتفكك المجتمع وتتفرق الجماعة من أجل أمور وهمية وظنون كاذبة. كثير من الناس ينقلون الكلام عنه غيرهم بمجرد الإشاعات وربما لو بحثت عن هذا النقل لوجدته كذبًا لا أصل له أو محرفًا أو مزيدًا أو منقوصًا والمؤمن العاقل هو الذي يتثبت في الأخبار ويتحرى في نقلها حتى لا ينقل إثمًا ولا كذبًا وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم «أن الرجل ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها أي ما يتثبت ولا يعلم هل هي خير أو شر صدق أو كذب يزل بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب» . وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «كفى بالمرء إثمًا وفي رواية كذبًا أن يحدث بكل ما سمع» فيا أيها المسلمون احفظوا ألسنتكم لا تطلقوا عنانها فتهلككم إذا أردتم الكلام في شيء فتذكروا قول الله تعالى {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: ١٨] وقوله صلى الله عليه وسلم «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت» واعلموا أنكم محاسبون على كل كلمة تخرج من أفواهكم فما جوابكم يوم القيامة إذا سئلتم ألم تتكلم بكذا وكذا فمن أين وجدت ذلك وكيف تكلمت ولم تتبين الأمر. أيها المسلم لا تطلق لسانك بالقول لمجرد ظن توهمته أو خبر سمعته فلعلك أن يكون ظنك كاذبًا ولعل الخبر أن يكون كاذبًا وحينئذ تكون خاسرًا خائبًا. أعوذ بالله من

<<  <  ج: ص:  >  >>