للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله طعيم لي فقم أنت ورجل أو رجلان معك فقال: ما هو فقلت: شعير وعناق فقال كثير طيب ثم دعا النبي صلى الله عليه وسلم المهاجرين والأنصار وقال ادخلوا ولا تزاحموا فجعل يكسر من هذا الخبز ويجعل عليه من اللحم وكلما أخرج شيئا من اللحم غطى القدر ومن الخبز غطى التنور فما زال كذلك حتى شبع المهاجرون والأنصار وبقيت بقية واشتدت الحال بالمسلمين وكان مما زاد الأمر أن يهود بني قريظة وكانوا شرقي المدينة نقضوا العهد الذي بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم فضاق الأمر بالمسلمين كما قال تعالى: {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ} [الأحزاب: ١٠] يعني الأحزاب {وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ} [الأحزاب: ١٠] يعني بني قريظة {وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا - هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا} [الأحزاب: ١٠ - ١١] وانقسم الناس إلى قسمين فالمنافقون والذين في قلوبهم مرض قالوا: ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا والمؤمنون قالوا: هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما، ومكث الأحزاب محاصرين للنبي صلى الله عليه وسلم قريبا من شهر فدعا النبي صلى الله عليه وسلم عليهم فأرسل الله عليهم ريحا شديدة قوية أسقطت خيامهم وأطفأت نيرانهم وزلزلت بهم وفي ذلك يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا} [الأحزاب: ٩] وبعد تفرق الأحزاب توجه النبي صلى الله عليه وسلم إلى بني قريظة الذين نقضوا عهده فحاصرهم خمسا وعشرين ليلة حتى طال عليهم الحصار وقذف الله في قلوبهم الرعب فلما اشتدت بهم الحال طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن ينزلوا على حكم سعد بن معاذ رضي الله عنه وكان سيد الأوس الذين هم حلفاء بني قريظة في الجاهلية وكان سعد رضي الله عنه قد أصيب بسهم يوم الخندق في أكحله فدعا الله تعالى أن لا يميته حتى يقر عينه من بني قريظة الذين نقضوا العهد فاستجاب الله دعاءه فطلبه النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة ليحكم في بني قريظة فلما أقبل قال رضي الله عنه لقد آن لسعد أن لا تأخذه في الله لومة لائم فلما جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال له النبي صلى الله عليه وسلم «إن هؤلاء وأشار إلى اليهود قد نزلوا على حكمك فاحكم فيهم بما شئت، قال وحكمي نافذ عليهم قال نعم قال وعلى من ها هنا وأشار

<<  <  ج: ص:  >  >>