للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على محبة الله للعبد هو الدين الذي يلتزم به العبد شرائع الله في عباداته ومعاملاته وآدابه وأخلاقه فإذا رأيت الرجل ذا دين فإن الله يحبه لأن الله لا يعطي الدين إلا من يحب {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [آل عمران: ٣١]

وهذا الحديث يدل بوضوح على أن من كسب مالًا على وجه محرم فهو خاسر مهما ربح لأنه إما أن ينفق هذا المال في حاجاته الدنيوية وإما أن يتصدق به لطلب الثواب في الآخرة وإما أن يبقى بعده بدون إنفاق ولا صدقة وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم حكم هذه الثلاث بأنه إن أنفقه لم يبارك له فيه وإن تصدق به لم يقبل منه وإن بقي بعده كان زاده إلى النار. هذه نتائج من اكتسب المال بطريق محرم أضف إلى هذه النتائج نتيجة الطمع وإغراق القلب في طلب المال استمع إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم الثابت عنه في الصحيحين يقول «إن أكثر ما أخاف عليكم ما يخرج الله لكم من بركات الأرض قيل وما بركات الأرض قال زهرة الدنيا» ثم قال صلى الله عليه وسلم «إن هذا المال خضرة حلوة من أخذه بحقه ووضعه في حقه فنعم المعونة هو وإن أخذه بغير حقه أو قال ومن لم يأخذه بحقه كان كالذي يأكل ولا يشبع ويكون عليه شهيدًا يوم القيامة» . أخذ المال بحقه أن يكتسبه بطريق مباح وأخذ المال بغير حقه أن يأخذه بطريق غير مباح والميزان لكون الطريق مباحًا أو غير مباح ليس هو الهوى النفسي ولا القانون الوضعي وإنما هو كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فما أحله الله ورسوله فهو الحق وما حرمه الله ورسوله فهو غير الحق. وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وبرهنت الوقائع على صدقه فإن الناس يشاهدون من يكتسب المال بالطرق المحرمة قد ملأ صدره الطمع وأحرق نفسه الشح أيديهم مملوءة من المال وقلوبهم خالية منه يقول الناس إنهم أغنياء وهو أشد في طلب المال من الفقراء لأنه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم «كالذي يأكل ولا يشبع» .

يشاهدون من يأكل الربا لا يقلع عنه ولا يفتر في طلبه. يشاهدون من يتحيل على أكل الربا وقد زين له سوء عمله فرآه حسنًا لا يرعوي عن تَحَيُّلِه ولا يتوانى في ذلك. يشاهدون من يكذب في السلعة أو ثمنها منهمكًا في عادته السيئة لا يقلع عنها. يشاهدون من يعامل بالغش والتغرير والتمويه على الناس لا يزال مستمرًا في عمله. يشاهدون من يأخذ الرشوة

<<  <  ج: ص:  >  >>