النقدية بدلًا عنها والبدل له حكم المبدل فلا يجوز التفرق قبل القبض إذا أبدلت أوراقًا نقديةً بجنسها أو بغير جنسها فلو قلت لشخص خذ هذه الورقة ذات المئة اصرفها لي بورقتين ذواتى خمسين فإنه يجب أن تسلم وتستلم قبل التفرق فإن تأخر القبض من الطرفين أو أحدهما فقد وقعا في الربا. ولقد صار من المعلوم عند الناس أنك لو أخذت من شخص مائة ريال من النقد الورقي بمئة وعشرة مؤجلة إلى سنة أو أقل أو أكثر لكان ذلك ربًا وهذا حق فإن هذه المعاملة من الربا الجامع بين ربا الفضل وربا النسيئة بين الربا المقصود والذريعة ولكن من المؤسف أن كثيرًا من المسلمين صاروا يتحيلون على هذا الربا بأنواع من الحيل. والحيلة أن يتوصل الشخص إلى الشيء المحرم بشيء ظاهره الحل فيستحل محارم الله بأدنى الحيل.
وإن الحيلة على محارم الله تعالى خداع ومكر إنها خداع ومكر يخادع بها العبد ربه يخادع بها من يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور أفيظن هذا المخادع الذي لاذ بخديعته أن أمره سيخفى على الله أفلا يقرأ قول الله تعالى {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ}[البقرة: ٢٣٥] أليس في نيته وقرارة نفسه أنه يريد ما حرم الله ولكن يكسوه بثوب من الخداع والمكر لا ينطلي إلا على مثله ممن جعل الله على بصره غشاوة.
إن الحيل على الربا كثيرة ولكن أكثرها شيوعًا أن يجيء الرجل لشخص فيقول له إني أريد كذا وكذا من الدراهم فهل لك أن تدينني العشر أحد عشر أو اثني عشر أو أقل أو أكثر حسب ما يتفقان عليه ثم يذهب الطرفان إلى صاحب دكان عنده بضاعة مرصوصة معدة لتحليل الربا قد يكون لها عدة سنوات إما خام أو سكر أو زر أو هيل أو غيرها مما يتفق عند صاحب الدكان أظن أن لو وجدا عنده أكياس سماد يقضيان بها غرضهما لفعلا فيشتريها الدائن من صاحب الدكان شراءً صوريًّا لا حقيقيًّا أقول شراءً صوريًّا لا حقيقيًّا لأنه لم يقصد السلعة من الأصل بل لو وجد أي سلعة يقضي بها غرضه لاشتراها ثم هو لا يقلب السلعة ولا يمحصها ولا يكاسر في الثمن وربما كانت السلعة معيبةً أفسدها طول الزمن أو أكلتها الأرضة وهو لا يعلم ثم بعد هذا الشراء الصوري يتصدى لقبضها الصوري أيضًا فيعدها وهو بعيد عنها وربما أدرج يده عليها تحقيقًا للقبض كما يقولون ثم يبيعها على المدين بالربح الذي اتفقا عليه ولا أدري هل يتصدى المدين لقبضها ذلك القبض الصوري قبل بيعها على